ولو قال: النصف الآخر لصاحبي، سلم له، وإن لم يثبته لنفسه، ولا لصاحبه، ففيه ثلاثة أوجه، ذكرناها في باب الدعاوى.

تنبيه: قوله: عزيا إلى جهة أي: أضاف، يقال: عزوته إلى كذا، وعزيته، وعزواه، وعزياه: لغتان، والواو أفصح.

قال: وإن أقر رجل، فقال: هذه الدار لزيد، لا بل لعمرو، أو غصبتها من زيد، لا بل من عمرو- لزمه الإقرار الأول، لما تقرر أن من أقر بحق لآدمي لا يقبل رجوعه.

قال: وهل يغرم للثاني؟ فيه قولان:

وجه [عدم] الغرم: أن العين باقية، يمكن عودها إلى صاحبها، ومنازعته فيها، وهو يقول: أنا معترف لك بها، وإنما الشرع انتزعها، فلا يلزمني الغرم، وهذا ما حكاه في ((المختصر))، أخذًا من نصه عليه في كتاب الإقرار والمواهب من الأم.

ووجه الثاني: أنه أحال بينه وبين ماله، فلزمه الغرم، كما لو غصب عبدًا، فأبق من يده، أو درة فسقطت في ((البحر))، وهذا ما نص عليه في كتاب الإقرار بالحكم الظاهر الذي لم ينقل المزني منه شيئًا مع الأول، وهو الصحيح في ((تعليق)) أبي الطيب، و ((الشامل))، وغيرهما.

وقيل: إن سلمها الحاكم بإقراره ففيه قولان، لأنه معذور، وتوجيههما ما تقدم.

وإن سلمها المقر بنفسه، لزمه الغرم قولًا واحدًا، لأنه غير معذور، وهذه طريقة أبي على الطبري، وآخرين من أصحابنا، كما قال الماوردي.

قال: والصحيح: أنه لا فرق بين المسألتين، لأن الحاكم إنما سلمها بإقراره، فهو كما لو سلمها بنفسه، وهذه طريقة أبي إسحاق، وابن أبي هريرة، وقد صححها القاضي أبو الطيب، وغيره أيضًا.

ووراء ذلك طريقان:

إحداهما: في المسألة الثانية أنه في تغريمه القولان، وفي المسالة الأولى، لا يغرم قولًا وحدًا، لأنه لم يقر بالجناية، فلا يغرم، ولا كذلك في الثانية، فإنه أقر بالجناية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015