واعلم أن الإمام و ((الرافعي)) قالا: إن الوجهين المذكورين في المشاركة فيما إذا عزيا إلى بيع جاريان فيما لو عزيا إلى هبة.

والماوردي قال: إن حكم الهبة حكم البيع، وفيه نظر، من جهة أن الهبة لا تتم إلا بالقبض، وقد تقدم أن المقبوض لا مشاركة فيه.

فرع: إذا صالح المقر له على النصف المقر به، حيث قلنا: يشاركه الآخر، قال القاضي أبو الطيب وغيره: بطل في نصيب الآخر، وهل يصح في نصيب المقر له؟ فيه قولًا تفريق الصفقة.

وحكى الإمام: أن طوائف من الأصحاب ذكروا وجهًا في صحة الصلح في جميع النصف، وهو ظاهر النص في السواء، أي: حيث قال ذكرنا، كان لأخيه أن يدخل معه فيه، يعني: في مال الصلح، كما قاله المزني، واعترض به على الشافعي.

قال: ولست أعرف لهذا وجهًا، وكل ما يتكلف ذكره في التصحيح يتضمن استبداد المقر له بالنصف، وثمنه، وأقصى ما قيل فيه: أن المقر له والمدعى عليه هما المتعاقدان، وهما متقاربان، والعبرة بتقارر المتعاقدين، وهذا أخذ من كلام القاضي الحسين، فإنه هكذا قال:

قال: وهذا باطل قطعًا، فإن المقر له إن كان يعرف حكم المسألة، يعترف لصحابه بحصته في النصف المقر به، وإن كان لا يعرفه، فهو كذلك، ومن ظن ملك الغير ملك نفسه، لم ينفذ بهذا السبب بيعه.

والقاضي أبو الطيب وغيره دروا على المزني، وقالوا: هو نقل كلام الشافعي مختصرًا، فوهم في معناه، وليس مراد الشافعي أن الأخ يشارك أخاه [في مال الصلح، بل في النصف الذي أقر به، وقد ذكره في الأم مفسرًا فقال: إن أخاه] يرجع عليه بنصف ما أقر له به.

أما إذا أقر لأحدهما بجميعه، فحيث قلنا: يكون النصف بينهما، فكذلك الكل، وحيث قلنا: ينفرد المقر له بالمقر به، فإن عاد، وادعى النصف الآخر، سلم إليه، لجواز أن يكون قد اقتصر على دعوى النصف، لتيسر بينته، أو لكونه يخاف جحوده الكل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015