قيل: الفرق: أنه في ادعاء القضاء رافع لكل ما تقدم، فلم يقبل، وهو في قوله: عارية، مثبت لحكم ما تقدم على صفة محتملة، فقبل.
وقال صاحب ((التقريب)): ينبغي أن يتخرج ذلك على ما لو قال: له علي ألف من ثمن خمر، لأن آخر كلامه يرفع أوله.
وليس بشيء، والفرق ما ذكره الماوردي.
وأيضًا: فإن الإضافة إلى العارية حقيقة، بخلاف الخمر، فإنه لا يملك حقيقة، [وهكذا الحكم] فيما لو قال: له هذه الدار هبة عارية.
فرع: لو قال: لك سكنى هذه الدار، قال الماوردي: فهو إقرار لازم، [تلك السكنى عن إجارة في الظاهر، فإن ادعاها، وطلب الأجرة، لزم المقر له دفع الأجرة إن قبل الإقرار،] وإن رده فلا أجرة عليه، كما لا سكنى له.
قال: وإن قال: له هذه الدار هبة، فله أن يمتنع من التسليم، لأن الهبة لا تتم إلا بالقبض، وهو إلى خيرة الواهب، وإقراره لم يتضمنه.
ولا فرق بين أن تكون الدار في يد المقر له بالهبة أو لا.
وعن صاحب التقريب: أن ذلك يتخرج على ما لو قال: له علي ألف من ثمن خمر.
قال الغزالي: وهو فاسد.
وقال القاضي أبو الطيب: إن من أصحابنا من قال: إذا كانت في يد الموهوب له، فالقول قوله في القبض.
قال ابن الصباغ: وعزوه إلى الشافعي، وهو مقول على القول الذي يقول: إذا وهب له شيئًا في يده لا يحتاج إلى الإذن في القبض، وإذا مضى زمان يمكن يه القبض، صار مقبوضًا.
وقد حكي عن رواية الإمام وجه مثله فيما إذا وجد الرهن في يد المرتهن، وقال الراهن: غصبني، وقال المرتهن: بل أنت أقبضتنيه- أن القول قول المرتهن.
والصحيح: أن القول قول الواهب والراهن.
وعلى هذا: لو قال: وهبت منه الدار، وملكها، لم يكن- أيضًا- إقرارًا بالقبض على النص، كما حكيته في باب الهبة، فليطلب من ثم.
ولو قال: وهبتها له، وخرجت إليه منها، قال ((الرافعي)): لم يكن إقرارًا بالقبض