يحكم بالدار والبيت والشاة والحمل لزيد، لأنه لو سكت على قوله: هذه الدار وهذه الشاة لزيد، كان يستحق ذلك [كله، فكان رجوعًا عن بعض الإقرار، بخلاف ما لو استثنى ذلك]، لأن الاستثناء لبيان ما بدأ به من الكلام، كالتخصيص إذا ورد على العموم.
نعم، لو قال: هذا البيت لعمرو والحمل [له] والدار والشاة لزيد، سلم لعمرو البيت والحمل وهذا من القاضي تفريع على أمرين:
أحدهما: أن الإقرار بالشاة إقرار بالحمل، وسنذكر فيه ما يمكن ذكره.
والثاني: أن الإقرار بالحمل المجرد يصح كالإقرار للحمل كما أبداه الماوردي احتمالًا بعد أن حكى أن المزني نقل في ((جامعة الكبير)): أن الإقرار بالحمل باطل، لأنه لا يصح أن يملك منفردًا ببيع ولا هبة ولا ميراث.
قلت: وهذا يظهر أنه مفرع على أن الإقرار المطلق لا يصح إلا إذا أمكن أن يكون سببه من الأسباب الغالبة: كالبياعات والإتلافات، كما تقدم ذكره عند إطلاق الإقرار للحمل.
أما إذا لم يمكن أن يكون سببه إلا نادرًا: كالوصية، فلا، وقد تقدم أن الصحيح صحة الإقرار المطلق إذا أمكن أن يكون له سبب صحيح وإن كان نادرًا، وقضيته أن يكون الصحيح صحة الإقرار بالحمل كما ذكره الماوردي، لأنه تصح الوصية به، ولهذا لو أقر بالحمل وعزاه إلى وصية، صح جزما.
ثم مسألة الكتاب مفرعة على الصحيح في أن الاستثناء من غير الأعداد جائز، وإلا فقد حكى الغزالي الوجه السابق فيها، وطره فيما إذا قال: هذا الخاتم له إلا هذا الفص.
قال: وإن قال: له هذه الدار عارية، فله أن يرجع فيها متى شاء، لأن قوله: له هذه الدار، ليس صريحًا في الملك إلا إذا تجرد، أما إذا اقترن به ما يقدح فيه مع احتماله فلا.
قال الماوردي: فإن قيل: هلا كان على قولين من قوليه فيمن قال: له علي ألف قضيتها؟