وفي ((الحاوي)) في كتاب السرقة: أن الإقرار بحد الله تعالى: كالزنى، والسرقة، والشرب، هل يستحب أم لا؟ قال الشيخ أبو حامد- وهو الذي حكاه البندنيجي- إن لم يتكرر ذلك منه، و [لا] كان مشهورًا به فالمستحب له أن يكتمه ولا يقر به. وإن تكرر منه، وكان مشهورًا به، فالمستحب له أن يقر ولا يكتمه. قال: وليس لهذا الفرق وجه، والصحيح: أنه ينظر: فإن تاب منه، فالمستحب له أن يقر ولا يكتمه. قال: وليس لهذا الفرق وجه، والصحيح: أنه ينظر: فإن تاب منه، فالمستحب له أن يكتمه على نفسه، ولا يقر به، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ((من أتى من هذه القاذورات شيئًا، فليستتر بستر الله ...))، وهذا الحديث متفق على صحته كما قال الإمام.
وإن لم يتب، فالأولى أن يقر [به]، لأن في إقامة الحد تكفيرًا وتطهيرًا.
قلت: وفيما ذكره نظر يظهر لك إذا تأملت ما حكيناه فيما تحصل به التوبة، ثم إن صح فيظهر مجيئه في الرجوع من طريق الأولى.
وقد أغرب الإمام، وأبدى احتمالًا في وجوب الإقرار بالحد إذا قلنا: لا يسقط بالتوبة، وهو ظاهر، لأن استيفاءه شرط في صحة التوبة كما تقدم، والتوبة واجبة على الفور، والله أعلم.
فروع:
أحدهما: إذا استحببنا التعريض للمقر بالرجوع، وأبحناه، فهل يعرض الحاكم للشهود [بالحد]، بالتوقف عن الشهادة؟ فيه وجهان في ((البحر)):
أحدهما: لا، لأنه يعود إلى قدح في شهادتهم.
والثاني: يجوز، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: ((هلا سترته بثوبك يا هزال)).
وقال عمر لزياد حين حضر لشهادته على المغيرة بالزنى: أيها يا سرح العقاب أرجو ألا يفضح الله على يديك أحدًا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
قال: والأول أصح [عندي].
الفرع الثاني: إذا أقر بالزنى، لكنه قال: [إني] حددت- قال في ((البحر)) قبيل كتاب الشهادات: يحتمل أن يقال: لا يقبل قوله، لأنه يدعي استيفاء ما وجب عليه، فلا يقبل إلا ببينة، لإمكانها، بخلاف الرجوع عن الإقرار به. ويحتمل