وقال القاضي الحسين: يكره أن يظهر ذلك، لقوله- عليه السلام-: ((من أصاب من هذه القاذورات [شيئًا] فليستتر بستر الله تعال، فإن من بيد [لنا] صفحته نقم فيه حد الله))، وفي هذه الحالة تحصل التوبة بما ذكرناه في الصورة الأولى.
قال الأصحاب: ولو أراد أن يبدي ذلك، ليقام عليه الحد، لم يحرم
قال البندنيجي: اللهم [إلا] أن يتقادم عهد ذلك، ونقول: إن الحد يسقط بتقادم العهد، كما حكيناه قولًا في بابه، فلا يحل له التمكين من الاستيفاء، لأنه ليس هناك حد فيستوفى منه.
قال ابن الصباغ: وهكذا نقول على هذا القول: إذا اشتهر ذلك بين الناس، ولم تقم به بينة عند الحاكم.
نعم، لو ظهر بالشهادة عليه، فإنه يجب عليه أن يظهر ذلك للإمام، ليقيم عليه الحد، ولا يجوز له أن يكتم ويستر على نفسه، لأنه لا غرض له في كتمانه وقد قامت به البينة.
وفي هذه الحالة تتوقف التوبة على فعل ذلك مع ما تقدم، فإن لم يستوف منه صحت توبته، كما قاله الماوردي، وتبعه في ((البحر))، وكان المأثم في ترك الحد على من يلزمه [استيفاؤه] من الإمام أو من ينوب عنه، ولا يجري الخلاف السابق في [أن] الحد هل يسقط أم لا بتقادم العهد والتوبة، لأن محله إذا لم يثبت عند الحاكم- كما قاله الماودري هنا- أما إذا ثبت- كما صورنا- فلا يسقط قولًا واحدًا، وقد تكلمنا على ذلك في باب حد الخمر.
وإن كان حقًا للعباد، قال الماوردي: فإن لم يكن ذلك حدًا: كمن تعدى فضرب إنسانًا فآلمه، احتاج- مع ما ذكرناه في الحالة الأولى في صحة التوبة- إلى استحلال المضروب باستطابة نفسه، ليزول عنه الإثم في حقه، فإن أحله منه، وإلا مكنه من نفسه، ليقابله على مثل فعله، [لأن ذلك ما في وسعه] كما