وبعضهم لم يورد سواه، وفرقوا بين [الحاكم] والقاسم، والحاكم والمرضعة بفرقين، ذكرهما ابن الصباغ وغيره في كتاب الرضاع:

أحدهما: أن قسمة القاسم وحكم الحاكم يتعلق به حكم المتنازعين فيه، وليس كذلك إرضاع المرضعة، فإن التحريم لا يتعلق بفعلها، ولهذا لو شرب منها الطفل وهي نائمة تعلق به حكم الرضاع.

والثاني: أن القاسم والحاكم متهمان، لأنهما يثبتان لأنفسهما العدالة والإضافة، بخلاف مسألتنا.

وعلى هذا قال الأصحاب: لو قال الحاكم: أشهد أن قاضيًا عدلًا قضى بذلك، ففي سماع شهادته وجهان حكاهما العراقيون، والمراوزة عنهم:

[وجه المنع]: أنه يحتمل أن يريد نفسه مع أن نسبة القضاء إليه ظاهرة، فكأنه صرح به.

وعلى وجه السماع قال ابن أبي الدم: فالشاهد الآخر معه لا يقول: أشهد أن هذا قضى بكذا، لامتناع التلفيق بين الشهادتين، فلا يثبت الحق إن فعل ذلك، لكن هل يقول: أشهد أن قاضيًا عدلًا قضى بكذا، كما تلفظ به القاضي المعزول، أو: أشهد أن القاضي الذي شهد هذا: أنه قضى بكذا، قضى به؟ فيه تردد ظاهر عندي، ولم أظفر به مسطورًا.

قال الإمام: ولو شهد [عدلان] لم يقضيا قط على قضاء قاضٍ من غير تسمية، فظاهر المذهب: قبول ذلك.

وقد جزم في ((الوسيط)) بعدم قبول شهادة القاضي بعد العزل إذا أضاف الفعل إلى نفسه.

وحكى الوجهين فيما إذا قال: أشهد أن قاضيًا قضى: أحدهما: تقبل، كما تقبل شهادة المرضعة كذلك فأفهم كلامه أن شهادة المرضعة إنما تقبل إذا أبهمت المرضعة، وهو راجع إلى ترجيح مذهب الفوراني الذي اقتصر الشيخ على حكايته فيها، فإن هذه الصورة تنفي إضافة الفعل إلى نفسها، كما ينفيه قولها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015