قال: ولا تقبل شهادة الإنسان على فعل نفسه: كالمرضعة على الرضاع- أي: إذا قالت: أشهد أني أرضعته كذا- قياسًا على ما لو شهدت بالولادة، فقالت: أشهد أني ولدته، وهذا ما جزم به الفوراني، وصححه البغوي.
والجمهور على السماع، ولم يحك العراقيون سواه فيما وقفت عليه، بل قال البندنيجي قبيل كتاب الشهادات: إنه لا خلاف فيه، وهو ظاهر النص في ((المختصر)) في كتاب الرضاع.
ووجهه: أنها بهذه الشهادة لا تجر لنفسها نفعًا، ولا تدفع عنها ضررًا، بخلاف الولادة، فإنها يتعلق بها حق النفقة، والميراث، وسقوط القصاص، وغيرها، ولا نظر إلى أن الراضع يتعلق به ثبت المحرمية، وجواز الخلوة والمسافر، فإن الشهادة لا ترد بمثل هذه الأعراض، ألا ترى أنه لو شهد شاهدان: أن فلاناً طلق زوجته، أو أعتق أمته- تقبل، وإن كان يستفيدان حل المناكحة.
ولا خلاف في سماع شهادتها إذا نسبت الفعل إلى الصبي، فقالت: أشهد أنه ارتضع مني، وهذا لم تدع أجرة [على] الرضاع، فإن ادعت عليه أجرة، لم تسمع شهادتها، للتهمة.
وعلى هذه الحالة حمل بعضهم كلام الشيخ.
وعن ((الحاوي)) حكاية وجهين في أنه إذا لم تقبل شهادتها في الأجرة، هل تقبل في ثبوت المحرمية، تخريجًا على الخلاف في تبعيض الشهادة، وأن اختيار أبي إسحاق منهما: القبول، [واختار] ابن أبي هريرة المنع.
قال: والقاسم على القسمة بعد الفراغ، والحاكم على الحكم بعد العزل أي: إذا قال: أشهد: أني حكمت على هذا، أو لهذا بكذا، لتطرق التهمة إليهما.
وقيل: تقبل شهادة القاسم والحاكم، كما في المرضعة، تفريعًا على النص، وهذا ما نسبه البندنيجي والقاضي أبو الطيب وغيرهما إلى الإصطخري، وكذا القاضي الحسين في كتاب القسمة.
[وفي ((الحاوي)): أن الإصطخري حكاه عن بعض الأصحاب، وابن الصباغ في كتاب القسمة] نسبه إليه، لكنه خصه بما إذا كان بغيره أجرة، والصحيح الأول،