ابن أبي طالب تكفير جميع الأمة، واستباحة أموالهم ودمائهم- فلا تقبل شهادته.

وكذا من يعتقد تكفير مخالفيه حتى من الصحابة والتابعين، فإن لم ير استباحة أموالهم ودمائهم، فلا تقبل شهادته، لكفره.

نعم: لو اعتقد تكفير مخالفيه في الاعتقاد، ولم ير استباحة أموالهم، ولا تكفير الصدر الأول من الصحابة والتابعين- لم نحكم بكفره، وحكمنا بفسقه، فلا تقبل شهادته.

والشيخ أبو حامد ومن تبعه مثلوا الكفار المحكوم بكفرهم من أهل الأهواء الذين سبقت الإشارة إليهم- بالقائلين بالقدر، وبنفي الرؤية، وبإضافة المشيئة إلى نفوسهم، فيقول أحدهم: أنا الفاعل للخير والشر معًا، دون الله تعالى، وبخلق القرآن.

قال الإمام: [و] القول بخلق القرآن أهون بدعة ابتدعها المعتزلة، فهم- كما قال القاضي أبو الطيب- ممن حكم بكفره.

قال البندنيجي: فلا تحل مناكحة من ذكرناه، ولا تؤكل ذبيحتهم، وحكمهم في هذا حكم الكفار، وهذا مذهب الشافعي، فإنه قال- أي: في الأقضية من الأمالي القديمة، كما قال في ((البحر)): من قال بخلق القرآن فهو كافر. وقال لحفص الفرد: نصفك مؤمن، ونصفك كافر، تقول بخلق القرآن فتكفر، وتقول بالرؤية فتؤمن.

وقد حكى الربيع أنه قال: لا تقبل شهادة القدرية، لأنهم كفار.

قال الفوراني في كتاب القسامة: وهذا ما عليه غير القفال من مشايخنا، وأكثر أهل الأصول، وقال القفال: إنهم لا يكفرون.

والصحيح من الطريقين عند القضاة: أبي الطيب، وابن كج، والروياني- كما قال الرافعي- الأولى.

وقال ابن الصباغ: إن الطريقة الثانية مخالفة لظاهر قول الشافعي هنا وفي ((الأم))، فإنه قال: ذهب الناس في تأويل القرآن والأحاديث والقياس، أو من ذهب منهم إلى أمور اختلفوا فيها، فتباينوا فيها تبيانًا شديدًا، واستحل فيها بعضهم من بعض ما تطول حكايته، وكان ذلك متقادمًا: منه ما كان في عهد السلف، وبعدهم إلى اليوم، فلم نعلم أحدًا من سلف هذه الأمة يقتدى به ولا من التابعين بعدهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015