أشار إليهم الشافعي بقوله: ((أن يشهد لموافقيه))، وهم أصحاب ابن الخطاب الكوفي، لأنه يعتقدون أن من كان على رأيهم لا يكذب، لاعتقادهم أن الكذب كفر، فيصدقونه على ما ادعاه، ويشهدون له على خصمه، ومنهم من يستظهر بإحلافه قبل الشهادة، ومنهم من لا يستظهر، ويشهد بمجرد قوله.
قال الماوردي: وهي في الحالتين شهادة زور.
وقال الشيخ أبو حامد، وتبعه البندنيجي- وقال القاضي الحسين: إن به قال أصحابنا-: أهل الأهواء على ثلاثة أضرب:
ضرب يكفرون باعتقادهم، وسنذكرهم، فلا تقبل شهادتهم.
وضرب يفسقون به ولا يكفرون، كمن سبت القرابة من الخوارج، والصحابة من الروافض، فلا [نحكم] بشهادتهم أيضًا.
وضرب لا يكفرون ولا يفسقون، ولكن يخطئون، قال القاضي الحسين: كالبغاة.
وقال غيره- كالشافعي، ومالك، وأبو حنيفة، وغيرهم-: الذين اختلفوا في علم الشريعة.
فهؤلاء لا تقبل شهادتهم، وبهذه الطريقة أخذ الماوردي، حيث قال: لسماع شهادة [أهل] الأهواء ممن لم نحكم بكفرهم ستة شروط:
الأول: أن يكون ما انتحله بتأويل سائغ كتأويل البغاة، فإن كان تأويلهم غير سائغ فهم فسقة لا تقبل شهادتهم.
الثاني: ألا يدفعه إجماع منعقد، [فإن دفعه، فإن كان إجماع الصحابة، لم تقبل شهادته، للحكم بفسقه، وكذا إجماع غيرهم إن كان ممن يعتقد] أنه حجة، دون ما إذا كان لا يعتقده حجة، أو ينكر تصوره.
الثالث: ألا يفضي به إلى القدح في بعض الصحابة، وهم الذين كانوا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في حضره وسفره، أو بايعوه في [الدين والدنيا]، أو وثق بسرائرهم، أو أفضى بأوامره ونواهيه إليهم، دون من قدم عليه من الوفود، وقاتل معه الأعراب، فإن أفضى به إلى القدح في واحد منهم: فإن كان ذلك القدح