الماوردي-: أن في المسألتين قولين، نقلًا وتخريجًا:

وجه المقبول: [أنهما لا يتحملان في الصورتين شيئًا في الحالين، فليس موضع تهمة.

ووجه المنع:] أن الفقير يتحمل لو أيسر، والبعيد يتحمل لو مات القريب، فهما متهمان بدفع ضرر متوقع.

والثانية: تقرير النصين، وبه قال أبو إسحاق وابن أبي هريرة، وكثير من متأخري أصحابنا، كما قال الماوردي.

والفرق: أن المال غادٍ ورائح، والغنى غير مستبعد، بل كل أحد يحدث نفسه ويتمنى الأماني، وموت القريب الذي يحوج الأبعد إلى التحمل كالمستبعد في الاعتقادات، فالتهمة لا تتحقق بمثله.

ورجح الإمام طريقة القولين معترضًا على الثانية بأن البعيد كما يلزمه التحمل بموت القريب، يلزمه التحمل، لافتقارهم وحاجتهم، فإن استبعد الموت فاحتمال الفقر والحاجة غير مستبعد، لأن احتمال الغنى غير مستبعد.

قال الرافعي: والأظهر عند الأكثرين طريقة التقدير، ولهم أن يجيبوا عما ذكره بأن الإنسان يطلب غنى نفسه ويذر أسبابه، ويتحمل مساعدة القدر، والظفر بالمقصود، ولا يطلب فقر غيره، ولا يسعى فيه، فتكون التهمة المبنية على تقدير غناه أظهر من التهمة المبنية على فقر الغير.

أما شهادة العاقلة على فسق شهود القتل عمدًا، [أو على فسق] من شهد على إقراره بالقتل خطأ، فمقبولة، لأن الدية لا تلزمهم، فلم يكن حكمنا بقولهم دافعًا عنهم شيئًا، كذا قاله الماوردي والقاضي أبو الطيب والحسين وغيرهم، والله أعلم.

ومن هذا النوع شهادة الضامن ببراءة المضمون عنه.

قال في ((البحر)): وكذا شهادة الوصي والوكيل بجرح من شهد [بمال] على الموكل واليتيم.

قال الرافعي: وكذا شهادة المشتري شراء فاسدًا بعد القبض بأن العين المبيعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015