[وقد] قال الأصحاب: إنه لابد من إعادة الشهادة، إن [قلنا]: إنها تسمع، كما سيأتي.

والصحيح هاهنا: عدم القبول، [وهو المجزوم به في ((الحاوي)) وغيره]، لأن التهمة قارنت الأداء، فمنعت القبول.

نعم: لو أعاد تلك الشهادة، هل تسمع؟ قال الماوردي: فيها لخلاف الآتي فيما إذا شهد بالجراحة ثم اندملت.

والإمام ادعى إجماع الأصحاب على أنها لا تقبل معادة هاهنا، كما إذا ردت شهادة الفاسق، ثم تاب، وأعادها.

وقال: إن ما بينهما مما قد يخطر للفقيه: أنه فرق، وهو أن الفاسق إذا تاب لم [نتحقق تغير] حاله باطنًا، وقد تحققنا أن الوارث صار محجوباً لا أثر له، لأن الذي ردت شهادته به ترويج الشهادة، وهو موجود بعد طرآن الحجب.

قال: ولا تقبل شهادة الدافع عن نفسه ضررًا، كشهادة العاقلة على شهود القتل- أي: الذي تحمله العاقلة- بالفسق، لأنها متهمة في دفع تحمل العقل عن نفسها، فاندرجت في قوله- عليه السلام-: ((ولا ظنين)).

قال الرافعي: وهكذا الحكم لو شهدت بتزكية شهود جرح بينة القتل.

ثم ظاهر كلام الشيخ يقتضي أنه لا فرق في رد شهادة العاقلة بالجرح بين الموسر منها والمعسر، والقريب والبعيد.

[وهو قول] في المسألة في بعض الصور، ومجزوم به في بعض:

فالمجزوم به: ما إذا كان الشاهد موسرًا قريبًا.

والمختلف فيه: ما إذا [كان] بعيدًا أو فقيرًا، لأن الشافعي نص على عدم قبول شهادة المعسر، ونص على سماع شهادة البعيد عند وجود من يقوم بالواجب من الأقربين، فاختلف الأصحاب- لأجل ذلك- في المسألتين على طريقين:

الأولى منهما- وبها قال المزني، وطائفة من متقدمي أصحابنا، كما قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015