ونقل ابن الصباغ: أن ابن القاص حكى عن القديم قولًا: أنه تقبل شهادة الوالد للولد وبالعكس، وبه قال المزني وأبو ثور، واختاره أبو بكر [بن المنذر].
وحكى القاضي الحسين: أن لفظ الشافعي في القديم: ((الوراثة لا تنفي الشهادة))، ووجهه: أن الرجل لا يكون أمينًا في بعض الأشياء، خائنًا في البعض، [ولا] صادقًا في البعض، كاذبًا في البعض.
والصحيح عند الجمهور: الأول، وما ذكروه متروك عليهم بمنع شهادته لنفسه.
وعلى هذا قال الأصحاب: لا تسمع شهادة أحدها لمكاتب الآخر، وهل تسمع شهادة أحدهما بأن الآخر وكل أجنبيًا في حقوقه؟ فيه خلاف قدمت حكايته في كتابة الوكالة.
وفي تزكية الوالد للولد خلاف قدمت حكايته عند الكلام في الاستخلاف.
وهذا حكم الشهادة للقريب، أما الشهادة عليه، فلا خلاف في سماعها من الأب على الابن وإن سفل، وكذا من الابن على الأب في غير حد-[أي: حد] قذف- كما قاله الماوردي، ولا قصاص.
وإن كانت في حد أو قصاص، ففي سماعها قولان حكاهما الماوردي والبندنيجي، تبعًا للشيخ أبي حامد، ورواهما الإمام والقاضي الحسين وجهين في الشهادة بالقود وحد القذف.
ووجه المنع: أنه لما لم يقتل بقتله، و [لم] يحد بقذفه- لم يقتل ولم يحد بقوله، كالعبد إذا شهد على الحر.
والمذهب- كما قال القاضي أبو الطيب-: أنها تقبل أيضًا، وهو الذي صححه القاضي الحسين وغيره.
وقال القاضي أبو الطيب: إن مقابله غلط، لأنه مخالف لنص الشافعي، فإنه قال: لو أن رجلين شهدا على أبيهما بأنه قذف أمهما وأجنبية، قبلت شهادتهما عليه في قذف الأجنبية، ولم تقبل في أمهما.
وقد ادعى القاضي الحسين قبل باب الشهادة على الشهادة بورقتين-: أنه المذهب، وفرع عليه أنه [إن] شهد على أبيه أو أمه بالزنى، فهل تقبل؟