فإنه معدود من المكروهات دون المحرومات، وكذلك الكلام والإمام يخطب.

قلت: وهذا منه يدل على اختصاص الصغائر بالمحرمات، وهو الأقرب، لكن سنذكر أن اللعب بالشطرنج ليس بمحرم على المذهب، و [قد] عده الغزالي من الصغائر.

وفي ((البحر)): أن من كذب عن قصد، ردت شهادته، وإن لم يكن [يقع بقوله ضرر على أحد غيره، لأن] الكذب حرام بكل حال.

قال القفال: إلا أن يقوم ذلك على مذهب الكتاب والشعر في المبالغة في الكلام، وقد عد في ((الأيام)) من الصغائر.

وقال ابن الصائغ: غشيان الدعوى بغير دعاء من غير ضرورة، وعدم استحلال صاحب الطعام، لأنه قال: إذا تتابع ذلك منه ردت شهادته، لأنه يأكل محرمًا إذا كانت الدعوة دعوة رجل بعينه، فأما إذا كانت دعوة سلطان أو شبيه به، فيدعو الناس إليه، فهذا طعام عام، فلا بأس به.

وفي ((الزوائد)): أن الطبري عد من الصغائر [من] يهازل زوجته أو جاريته بحيث يسمع غيره، فإن جاء به نادرًا لم ترد [به] الشهادة، [فإن أكثر] منه ردت به.

وقد عد الغزالي منها: شرب الحنفي النبيذ.

والمنقول عن الشافعي أنه قال: الحنفي إذا شرب النبيذ حددته، وقبلت شهادته. وأن المزني قال: كيف يحد من شرب قليلًا من نبيذ شديد، وتجوز شهادته؟!

فمن الأصحاب من قال المزني: يختار أنه لا يحد، كما لا يفسق، وهذا ما حكاه الماوردي والجمهور عنه، وجعله بعض الأصحاب وجهًا.

[ومنهم من قال: إنه يختار: أنه يفسق، كما يحد، وجعله بعض الأصحاب وجهًا]، وبذلك يحصل في المسألة ثلاثة أوجه:

أصحها: المحكي عن النص، ولم يورد العراقيون والماوردي سواه، وفرقوا بين الحد والفسق بفروق:

أحدها: أن الحد آكد من الفسق، ولذلك يسقط الفسق بالتوبة دون الحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015