والثاني: لا يسمعها إلا في مجلس آخر أو بعد انقضاء خصومات الحضور.
قال: وهو الذي أراه صواباً؛ لأن اسمه لم يثبت في هذا التقديم لنفسه، وإنما ثبت لحق غيره.
قلت: ويظهر على هذا أن يقال: لو حضرا معاً، ومراد كل واحد منهما الدعوى على صاحبه بحقه- أن يسمع بلا خلاف.
فرع: قال الأصحاب: المستحب للقاضي أن يقدم كل يوم ثقة؛ حتى يثبت [كل] أسامي الخصوم ويكتبها أولاً فأولاً، والأسبق فالأسبق، فإذا جلس للحكم تقدم إليه من سبق على الترتيب، فلو ضاق ذلك المجلس عن استيعابهم، بدأ في المجلس الثاني بالذين تأخروا في المجلس [الأول على ترتيبهم في السبق، ويقدمون على من حضر المجلس] الثاني قبلهم، وهكذا يفعل في المجلس الثالث والرابع.
قال: فإن كان فيهم مسافرون، أي: لو تأخر الحكم بينهم لتخلفوا عن القافلة؛ كما قاله الإمام والبغوي- قدمهم، أي: وإن كانوا متأخرين في الحضور؛ دفعاً [لضرر الإقامة] عنهم، ولأن الله- تعالى- خفف [عنهم أمر] العبادة بالفطر والقصر؛ فجاز أن يسامح لهم في باب الخصومة- أيضاً فيقدموا على غيرهم، ولا فرق على هذا بين أن يرضي المقيمون بذلك أو يكرهوا، وحكم المسافرين بعضهم مع بعض حكم المقيمين في الترتيب والقرعة.
قال: إلا أن يكثروا، [أي] مثل أن يكونوا قدر المقيمين أو أكثر؛ كالحجيج إذا نزلوا بمكة والمدينة، فلا يقدمهم؛ دفعاً للضرر عن المقيمين.
وفي "الحاوي" و"النهاية" و"المهذب" وجه أنهم لا يقدمون وإن قلوا إلا برضا المقيمين.