- عليه السلام-[له]: بِمَ تحكم .. " إلى آخره، ولأنه من أهل الاجتهاد؛ فلم يجز أن يقلد غيره؛ كما لو أراد أن يقلد من هو مثله في الفروع، ومن هو أعلم منه [بأصول الديانات]، وهذا قول أبي إسحاق المروزي؛ كما حكاه الماوردي.

وقيل: إن حضره ما يفوته كالحكم بين المسافرين، وهم على الخروج- جاز أني قلد غيره، ويحكم؛ لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] وهذا لا يعلم، ولأنه لا يمكنه إذا فرضه باجتهاده؛ فجاز له التقليد للضرورة قياساً على العامي، وهذا قول ابن سريج.

قال: وليس بشيء؛ لأن الاجتهاد شرط في صحة فرضه؛ فلا يسقط بخوف الفوت، كسائر الشروط، مثل: الطهارة والستارة بالنسبة إلى الصلاة، وما ذكر من الآية فالخطاب فيها لغير أهل الذكر الذين لا يعلمون البينات والزبر- وهي الحجج- بسؤال أهل [الذكر، والعالم عالم بالبينات والزبر، ثم لا نسلم تحقق الضرورة]؛ فإنه يمكنه أن يفوض الحكم إلى ذلك الغير فيحكم، وعلى تقدير التسليم؛ فالفرق بين العالم والعامي: أن العامي عاجز عن الاجتهاد، والعالم متمكن من الاجتهاد؛ فلم يجز اعتبار أحدهما بالآخر؛ كما لا يجوز اعتبار من لم يجد الماء والسترة بمن يقدر عليهما، ولكنه يخاف فوت الوقت إن استعملهما.

قال: وإن حضره خصوم بدأ بالأول فالأول؛ لأن الأسبق أحق بالتقديم إلى حق هو له؛ كالسابق إلى مكان مباح، والاعتبار بحضور المدعي دون المدعى عليه، كما قاله أبو الطيب وابن الصباغ والفوراني وغيرهم، فلو اتفق أن المدعي والمدعى عليه حضرا في وقت واحد، وانتهت خصومة المدعي، فأراد المدعى عليه أن يدعي على المدعي بحق له- ففي "الحاوي" حكاية وجهين في تقدمه على غيره:

أحدهما: يقدم؛ لهذا السبق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015