للحق؛ فإنه قد يتفق بعد الحكم أمر يحتاج فيه إلى البينة.

قال ابن الصباغ والبندنيجي قبيل الكلام في النظر في المحبَّسين: ثم إن كان الحاكم ممن يحكم بعلمه أجلسهم بالبعد منه، حتى إذا احتاج إلى شهادتهم على حكمه استدعاهم ليشهدوا بذلك، وإن كان ممن لا يحكم بعلمه أجلسهم بالقرب منه؛ حتى يسمعوا كلام المتخاصمين، ويحفظوا على المقر إقراره؛ كي لا ينكر [بعد ذلك] ويجحد.

قال البندنيجي: فإن جحد شهدوا عليه بذلك، وحكم الحاكم عليه، وعلى هذا جرى في البحر، وفي هذا كلام سنذكره.

قال الماوردي: ويكون مقعدهم في مجلسه متميزاً عن غيره، ولا يساويه واحد منهم في مقعده، ولا فيما يختص به من سواد وقلنسوة، وينبغي أن يختص الشهود في ملابسهم بما يتميزون به، ويسلموا على القاضي بلفظ الرياسة، ويرد عليهم مجيباً أو مبتدئاً على تماثل وتفاضل، ويقدم بعضهم على بعض في المجلس والخطاب؛ لما يتميزون به من علم وفضل، وقد يستدل لذلك بما رواه أبو داود عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ".

ثم يمينه [من] مجلسه أولى من ميسرته، فإن افترقوا في الميمنة والميسرة جاز، وإن كان اجتماعهم أولى. ويكف القاضي عن محادثة الشهود، ويكفوا عن محادثته، ويكون كلام القاضي مقصوراً على الإذن في الشهادة، وكلامهم له مقصوراً على أداء الشهادة، ويغضوا عنه أبصارهم، وإذا حضروا في غير مجلس الحكم جلسوا في مقاعدهم المعروفة في مجلسه، ورتبهم فيه على اختياره، وقطع تنافسهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015