و [المعنى] في ذلك: انتفاء التهمة عن الكاتب وصيانته من غلط [يقع] فيه إن اتفق.

قال الماوردي: والقاضي فيما يكتبه الكاتب من ذلك بين أمرين: إما أن يلقيه عليه حتى يكتبه من لفظه، أو يكتب الكاتب بألفاظه، والقاضي ينظر إليه أو يقرؤه بعد كتابته، ويعلم فيه القاضي بخطه، ويشهد [به] على نفسه؛ ليكون حجة للمتحاكمين، ويكتب الكاتب [ذلك] نسختين، تكون إحداهما في ديوان القاضي، والأخرى بيد المحكوم له.

فإن قصر القاضي فيما وصفناه كان مفرِّطاً في حقوق ولايته وحقوق الخصوم، ثم الجهة التي يجلس فيها الكاتب جهة اليسار؛ كما ذكره الماوردي وغيره.

وفي "الشامل" و"الرافعي": أنها بين يديه، وكذلك حكاه البندنيجي وقال: لا يجلسه يميناً ولا شمالاً.

قال القاضي أبو الطيب- وتبعه ابن الصباغ-: ولو أبعد الكاتب بناحية جاز، وفي هذه الحالة إذا ترافع إليه خصمان، فأقر أحدهما للآخر- لم يبعث بهما للكاتب ليكتب ما جرى، إلا بعد أن يشهد على المقر بحضرته، [أو يثبت اسم المقر] والمقر له، ويرفع في نسبه حتى يتميز المقر ويتعين؛ لأنه ربما جحد الإقرار وادعى أنه المقر له؛ حكى أبو بكر الصيرفي أن رجلين اختصما عند حاكم، فأقر أحدهما للآخر [بمال]، فبعث بهما إلى الكاتب، فرجع المقر عن إقراره، وادعى أن صاحبه هو الذي أقر له؛ فاشتبه الأمر على الحاكم؛ فذهب الإقرار وسقط؛ ولذلك قلنا: إنه يشهد على المقر أو يكتب اسمه ونسبه؛ حتى لا يتفق مثل ذلك.

قال: ويستحب ألا يحكم، أي: لا ينتصب للحكم، إلا بمشهد من الشهود؛ احتياطاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015