وينبغي أن يكون [له] وكيل يقوم بذلك، ولا يعرف أنه وكيله؛ كي لا يحابي، فإن وكل وكيلاً يعرف بوكالته استبدل به غيره، ولو لم يجد من ينوب عنه تولى ذلك بنفسه؛ لأنه لابد [له] منه.
فإذا وقعت لمن باعه حكومة استخلف من يحكم بينه وبين خصمه؛ لأنه إذا تولى الكم بنفسه لم يأمن أن يميل إليه، قاله في "المهذب"، وهذا التحكيم على وجه الاستحباب، كما أشار إليه في "الحاوي".
قال: ولا يحكم لنفسه ولا لوالده، أي: من ذكر وأنثى وإن علا، ولا لولده أي: من ذكر وأنثى وإن سفل، ولا لعبده أي: القن أو المكاتب الكامل له أو له فيه شقص، وأمته أي: القنة أو المكاتبة أو أم الولد؛ لما يلحقه في ذلك من التهمة، ولأنه إذا لم تجز الشهادة لهم، فالحكم- وهو فوق الشهادة- أولى.
قال: وإن اتفق لواحد منهم خصومة، حكم فيها بعض خلفائه؛ إذ لا تهمة تلحقه، وهذا ما أورده [القاضي] أبو الطيب وابن الصباغ والبغوي وغيرهم، وقالوا: إذا لم يكن [له] خليفة [ثَمَّ]، ترافعا إلى قاضي [بلد] آخر، وإن كانا في بلد الإمام ترافعا إليه، وقيل: إن قلنا: إن الخليفة ينعزل بموته، لم يحكم له؛ كذا قاله الغزالي، وهو مطرد في أبعاضه، كما قاله الرافعي، وجعله ابن يونس الأظهر فيما إذا كانت الخصومة له.
وقد حكى الماوردي هذا الوجه، ولم ينبه على ما ذكر. ومقتضى البناء: أن يقال: إذا ترافع الإمام الأعظم وبعض الرعية إلى أحد القضاة، ألا يحكم له إذا قلنا: إن القاضي ينعزل بموت الإمام- كما سنذكره- وقد جزم الماوردي وغيره بجواز الحكم له؛ لأن القضاة ولاة في حقوق المسلمين، وإن صدرت ولايتهم عن الإمام.