ويجب ردها، ولا يحرم البذل على المهدي]. وإن كان لا لأجل ولايته ولا مكافأة على جميل فهذه هدية بعث عليها جاهه، فإن [كان] كافأه عليها جاز له قبولها، وإن لم يكافئه عليها فلا يقبلها لنفسه، وهل يقبلها لبيت المال؛ لأن جاه السلطنة لكافة المسلمين، أو يردها ولا يقبلها؛ لأنه المخصوص بها؟ فيه وجهان، ولا خلاف في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية؛ لأنه كان يكافئ عليها، ولا يميله عن الحق شيء؛ فذلك جاز له ولم يجز لغيره.
وإن كانت من هدايا دار الحرب جاز له قبول هداياهم، ثم ينظر: فإن كانت لأجل السلطنة كانت الهدية للمسلمين، وإن كانت لأجل مودة سلفت بينه وبينهم قبل السلطنة جاز [له] أن يتملكها، وإن كانت لأجل حاجة عرضت، فإن كان لا يقدر على قضائها إلا بالسلطنة كان بيت المال أحق بها منه، وإن كان يقدر عليها بغير السلطنة كان أحق بها من بيت المال.
والهدية للعمال على جباية الخراج والصدقات إن صدرت من غير أهل عمله، فهي كالمهاداة بين غير الولاة من الرعايا، وسنذكر حكمها.
وإن كان من أهل عمله: فإن كانت قبل استيفاء الحق منه فهي رشوة يحرم عليه أخذها، سواء كان له رزق أو لا، وإن كانت بعد أخذ الحق منه: فإن كانت لأجل جميل صدر منه له كان يجب على العامل فعله، لم يجز أن يقبلها لنفسه إلا أن يعجل المكافأة، وهل يقبلها لبيت المال أو يردها على مالكها؟ فيه وجهان، وإن كانت بعد أخذ الحق منه على غير سبب أسلفه، فإن عجل المكافأة عليها بمثل قيمتها جاز أن يتملكها، وإلا فثلاثة أوجه:
أحدها: أنها تقر على العامل؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَقَرَّ ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الهَدِيَّةَ، وَلَمْ يَسْتَرْجِعْهَا مِنْهُ.
والثاني: تسترجع لبيت المال، وتضم [إلى] المال الذي استعمل عليه؛