أحدهما: يدفع لبيت المال.
والثاني: يرد [إلى مالكه]. وكأنه أخذ هذا من مجموع الطريقين.
قال الرافعي: والقياس ما ذكره أبو الفرج الزاز، وهو أنه إذا لم يملكها يردها على مالكها، فإن لم يعرفه وضعت في بيت المال.
وهذا حكم الهدايا للقضاة، [وأما الهدايا] للأئمة، فقد قال [في "الحاوي"]: إنها إن كانت من هدايا دار [الإسلام]، فهي على ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يهدي إليه من يستعين به على حق يستوفيه، أو على ظلم يدفعه عنه، أو على باطل يعينه عليه- فهذه [رشوة محرمة]، ويجب ردها على باذلها، ولا يجوز أن توضع في بيت المال، ويحرم على المهدي البذل في الصورة الأخيرة دون الأوليين.
الثاني: أن يهدي إليه من كان يهاديه قبل الولاية، فإن كان بقدر ما كان يهاديه قبل الولاية لغير حاجة عرضت [له]، فيجوز له قبولها، وإن اقترن بها حاجة عَرَضَتْ فيمتنع من القبول عند الحاجة، ويجوز أن يقبلها بعد الحاجة، وإن زاد في هديته على قدر العادة لغير حاجة، فإن كانت الزيادة من جنس الهدية جاز قبولها؛ لدخولها في المألوف، وإن كانت من غير جنس الهدية منع [من] القبول.
الثالث: أن يهدي إليه من لم يكن يهاديه قبل الولاية، فإن كان لأجل ولايته فهو رشوة يحرم عليه أخذها وإن كان الباذل مستحقّاً؛ للولاية، ويجب ردها، وهل يحرم البذل؟ فيه كلام ذكرته فيما تقدم في هذا الباب. وإن كان لأجل جميل صدر له منه إما واجباً أو تبرعاً، فلا يجوز قبولها [أيضاً؛ لأنه يصير مكتسباً لمجاملته،