أخذ على أن يحكم بالحق فليس له؛ لأنه يأخذ الرزق [على ذلك] من الإمام، فليس له أن يأخذ عليه عوضاً آخر.

أما دفع الرشا فهل يجوز؟ قال الأصحاب كما حكاه أبو الطيب [والإمام] والماوردي وابن الصباغ: إن كان يطلب بما دفع الحكم بغير الحق [أو إيقاف] الحكم بالحق حرم عليه، وإن كان يطلب به وصوله إلى حقه لم يحرم عليه، وإن كان حراماً على غيره؛ كما لا يحرم عليه أن يفك الأسير بماله.

قال في "المرشد": وتحمل لعنة الراشي والمرتشي على ما إذا قصد بها إيقاف الحكم [بالحق] أو الحكم بالباطل، ولذلك قال الله- تعالى: {لِتَاكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} .. [الآية] [البقرة: 188]، والمتوسط بينهما هو تابع لموكله فيهما، فإن [كان وكيلاً] عنهما كان فعله حراماً.

وهذا الكلام من الأصحاب يدل على أن الرشوة تكون لطلب حق ولطلب باطل، وقد حكي عن ابن كج [أنه] قال: الرشوة عطية بشرط أن يحكم له بغير حق، والهدية عطية مطلقة.

وكلام الماوردي يخالفه؛ فإنه قال: الرشوة: ما تقدمت الحاجة، والهدية ما تأخرت.

والذي حكاه الغزالي في "الإحياء" منطبق على الأول؛ فإنه قال: المال [إن] بذل لغرض آجل فهو قربة وصدقة، وإن بذل لغرض عاجل: فإن كان لغرض مال في مقابلته فهو [هبة] بثواب مشروط أو متوقع، وإن كان لغرض عمل محرم أو واجب متعين فهو رشوة، وإن كان مباحاً فإجارة أو جعالة، وإن كان للتقرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015