قال: وإن لم يعتقدوا تحريمه كشرب الخمر، أي: ونكاح ذوات المحارم المجوس بحكم العقد – لم يقم عليهم الحد؛ لأنهم يقرون على الكفر بالجزية لاعتقادهم؛ فكان إقرارهم على ما دونه مما يعتقدون إباحته أولى، ولا فرق في ذلك بين أن يرضوا بحكمنا عند الترافع إلينا أو لا.
وحكى الإمام في كتاب الغضب عن أئمة الخلاف وجها في وجوب الحد [على شارب الخمر إذا رضي بحكمنا، وقال: إن في كلام الشيخ أبي علي رمزا] إليه، وتوجيهه هين إن صح النقل، وقد يعتضد [بما نص عليه] الشافعي – رضي الله عنه -[إذ] قال: "إذا شرب الحنفي النبيذ حددته، وقبلت شهادته؛ فإذا كان اعتقاد الحنفي استحلال النبيذ لا يعصمه من الحد، فعقد الذمي لا يعصمه من الحد إذا رضي بحكمنا، لكن المذهب الأول، والفرق بينه وبين الحنفي على المذهب فيه - أيضا -: أن المعنى الذي لأجله وجب الحد على شارب الخمر موجود في النبيذ، وهو مقطوع به، فاطرح الخلاف، والحنفي مزجور بالحد زجر وغيره، وليس الذمي مزجورا بحد الشرب، مع العلم بأنه يشرب الخمر استحلالا وتدينا، وعلى كل حال: ليس لهم إظهار ذلك، فإن أظهروه عزروا؛ لأنه إظهار منكر في دار الإسلام، وهو لا يجوز.
قال: ويلزمهم، أي: بالشرط، أن يتميزا عن المسلمين في اللباس، أي: في دار الإسلام كما قيده في "المهذب"؛ ليعرفوا بما يليق بهم في الحياة والممات، والتمييز يكون بلبس الغيار، والأولى أن تلبس كل طائفة ما اعتادته.
قال الأصحاب: وعادة اليهود لبس العسلي وهو: الأصفر، وعادة النصارى لبس الأكهب والأدكن، وهو نوع من [أنواع] الفاختي.
قال ابن الصباغ: والدكنة: السواد.
وعادة المجوس: لبس الأسود والأحمر.
ويكفي ذلك في بعض الثياب الظاهرة من العمامة [أو غيرها] كما قاله