الطهارة كلها إنما جعلت على ما يظهر ليس على الأجواف. وكذا حكاه ابن الصباغ وقال في توجيهه: إن الباطن يتعذر إيصال الماء إليه وغسله؛ فيعفى عنه، ولم يحك غيره، وأنه يجوز أن يحمله في الصلاة.

والبندنيجي قال: إن هذا خلاف أصوله، لأنه يقول في الآجر إذا نجس ظاهره وباطنه: طهر ظاهره وجازت الصلاة عليه ولا تجوز فيه. وهذا يعضد الوجه الأول.

والكلام في الآجر استوفيناه في باب طهارة البدن والثوب.

ويقرب من هذا النوع ما حكاه القاضي الحسين في آخر باب ما يفسد الماء [لأن الخف] إذا خرز بالهلب لا تجوز الصلاة فيه قبل غسله؛ لنجاسته، وهل تجوز بعد غسله؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم.

والثاني: لا؛ لأنه لا يتصور غسل باطن الثقب؛ لأنها مشدودة بالخيط، ولا يمكن إدخال الماء فيها وهي نجسة، لأن الهلب أصابها وقت الخرز.

وكأن الهلب- والله أعلم-: ما يعمل في رأس الخيط [من شعر الخنزير]؛ ليوصل الخيط إلى الثقبة، وبه صرح الجوهري في "الصحاح"، والله أعلم.

قال: ولا يطهر شيء من النجاسة بالاستحالة إلا شيئان.

هذا الحصر يرد عليه- كما قال بعضهم-: العلقلة؛ إذا قلنا: إنها نجسة؛ فإنها تطهر باستحالتها آدمياً، وكذا البيضة المذرة تطهر إذا استحالت فرخاً، ودم الظبية إذا استحال مسكاً طهر.

وجوابه: أن ما حكمنا بنجاسته من ذلك لا تتصور استحالته؛ إذ العلقة قبل انفصالها من المرأة، وكذا دم الظبية قبل انعقاده مسكاً وانفصاله عنها لا يحكم بنجاسته، وإنما يحكم بنجاسة ذلك بعد الانفصال، وحينئذ لا يتصور طرآن استحالته؛ لما ذكرناه، ومن ذلك يؤخذ أن الحكم بنجاسة البيضة المذرة إذا كسرت،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015