نعم، دخان النجاسة إذا قلنا بنجاسته- كما هو الصحيح عند أبي الطيب وغيره في كتاب الأطعمة- إذا أصاب الثوب ونحوه وهو جاف في العفو عنه وجهان حكاهما القاضي الحسين في كتاب الصلاة من غير تفرقة بين القليل والكثير، وغيره فرق فقال: القليل يعفى عنه دون الكثير، وقال الماوردي: الكثير منه إذا أصاب الثوب في العفو عنه وجهان حكاهما في باب الأطعمة. فأفهم كلامه ذلك فيما إذا كان الملاقي له رطباً؛ فإنه قال: إذا قلنا: يعفى عن دخان النجاسة، فلو سجر التنور بالنجاسة، جاز الخبز عليه قبل المسح، وإلا فيجب مسح التنور قبل الخبز، والله أعلم.
ثم اعلم أن المتنجس بغيره تارة ينجس ظاهره فقط، وتارة ظاهره وباطنه؛ كما إذا طبخ اللحم بماء نجس، أو أسقى الحديد ونحوه بماء نجس، ونحو ذلك، وفي كل من الصورتين يمكن تطهيره وهو في الأولى بإفاضة الماء على الظاهر، وفي كيفية في الثانية وجهان:
أحدهما: يفعل بالماء الطاهر كما فعل بالنجس وهو ما حكاه المتولي، وكذا القاضي الحسين في كتاب الصلاة، وقال ثم: إن الدابة إذا راثت الشعير، فإن كان يصلح للزراعة ونبت فإنه يطهر إذا غسل بالماء، وإن كان بحيث لا ينبت لو زرع فإنه لا يطهر بالغسل. وعليه جرى في "التتمة" و"الكافي".
والثاني: يكفيه إفاضة الماء على ظاهره، وفي اللحم يعصره، وظاهر نص الشافعي على هذا؛ فإن البندنيجي حكى في صلاة الخوف أن الشافعي قال: إذا حمى السلاح بالنار ثم صب عليه شيء نجس، فقيل: قد شربته الحديدة- فإن غسل ذلك طهر؛ لأن