ومن الصورة الثانية يظهر لك فيما لو جرح حربي مسلماًن وجرحه مسلم آخر، ومات منهما، أو قطعت يد إنسان في السرقة، أو قصاصاً، ثم جرحه آخر متعدياً، أو جرح مسلم مرتدًّا، فأسلم، فجرحه آخر، أو ذميّ حربيًّا، ثم عقدت الذمة للحربي، فجرحه ذميّ آخر، أو إنسان جرح الصائل عليه، ثم جرحه آخر – [جريان القولين]، كما صرح بهما غيره؛ لأن فعل السبع لا يوجب شيئاً؛ كما أن الشريك العامد في الصور التي ذكرناها لا يوجب فعله شيئاً.
وحكى الفوراني عن بعضهم – في مسألة قطع اليد في سرقة، أو قصاصاً – القطع بالوجوب؛ لأن فعلهما في مقابلة ما سبق من جناية المقطوع؛ فهو كالمضمون به.
قال: وإن جرحه واحد، وداوى هو جرحه بسم غير موحٍ، أي: غير قاتل في الحال، ولكنه يقتل غالباً أي: وعلم المجروح حاله، أو خاط الجرح في لحم حيّ؛ أي: قصداً، وذلك مما يقتل غالباً؛ فمات – فقد قيل: لا يجب القود على الجارح؛ لأن المجروح قصد المداواة، لا الجناية، وذلك عمد خطأن وشريك قاتل عمد الخطأ لا قود عليه.
وقيل: على قولين كالمسألة قبلها، وهذه الطريقة أظهر عند ابن الصباغ.
ثم حقيقة الخلاف يرجع إلى أن الذي صدر من المجروح عمد أو عمد خطأ؟
وقد حكى الأصحاب فيه – في الصورة الأولى – وجهين، وفي الصورة الثانية أنه عمد، وقال الماوردي: عندي أنه عمد خطأ، فمن جعله عمد خطأ أسقط القصاص جزماً، ومن جعله عمداً أجرى القولين.
أما إذا لم يعلم المجروح بأن السم يقتل غالباً –فقصده التداوي – فالمجزوم به الطريقة الأولى؛ كما لو كان السم لا يقتل غالباً بل نادراً [و] كما لو قصد الخياطة في لحم ميت فصادف لحماً حيًّا، أو في الجلد فصادف اللحم. ولو كان السم [يقتل لا محالة في ثاني الحال، فالمجزوم به الطريقة الثانية؛ صرح بذلك