أما من لا تمييز له [بحال] فعمده خطأ، وشريكه شريك خاطئ [لا محالة]؛ كذا قاله القفال، وعليه جرى في "التهذيب".

قال: وإن جرح نفسه وجرحه آخر، أو جرحه سبع وجرحه آخر؛ فمات أي: من الجرحين، وكانا مما يقتلان غالباً – ففيه قولان:

أحدهما: يجب القود على الجارح؛ لأنه شريك عامد، وغنما سقط ضمانه؛ لمعنى [فيه، لا لمعنى] في فعله؛ فأشبه الأب، وهذا هو الأصح في الصورة الأولى؛ كما ذكره الروياني، وغيره، وأظهر في الصورة الثانية؛ كما قاله الماوردي.

والثاني: لا يجب؛ لأنه إذا لم يجب على شريك الخاطئ، مع أن جنايته مضمونة [عليه] بالدية، فلئلاَّ يجب وجنايته غير مضمونة كان أولى، وهذا ما صححه الماوردي في الصورة الأولى عند الكلام فيما إذا اجتمع على القتل عامد ومخطئ، وبه قطع بعضهم في الثانية؛ لأنه لا تكليف على السبع؛ فكان شريكه كشريك الخاطئ؛ لان فعل السبع لا يصدر [عن] فكر وروية، ولا يوصف بالعمدية، وهذا ما صححه الغزالي وإمامه، والقاضي الحسين، والنووي.

ثم ظاهر كلام الشيخ في مسالة السبع يقتضي انه لا فرق في جريان الخلاف فيها يبن أن يكون الجرح الصادر من السبع صدر عن قصد، أو لا عن قصد؛ كما إذا وقع عليه فجرحه، وهو ما صرح به في "التهذيب"، وفي كلام الإمام ما يقتضي أن محل الخلاف إذا قصد السبع الجرح، فأما إذا وقع عليه من غير قصد فليس هو موضع الخلاف.

تنبيه: من الصورة الأولى يظهر لك أن السيد لو جرح عبده، وجرحه آخر – يجري القولان فيه كما صرح به غيره؛ لاستواء السيد وجارح نفسه في عدم وجوب الضمان للآدمي، ووجوب الكفارة عليهما على الصحيح، وبه جزم العراقيون. وعن بعضهم القطع بالوجوب إذا اوجبنا الكفارة، وهي جارية في صورة الكتاب أيضاً؛ كما حكاها الإمام؛ تفريعاً على إيجاب الكفارة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015