أما الاسم؛ فلأن من تصدق على فقير لا يقال: وهب منه.
وأما المقصود؛ فلأن الصدقة المراد منها: التقرب إلى الله- تعالى- والقصد من الهبة اجتلاب المودة.
وأما الحكم؛ فلأن الصدقة عليه صلى الله عليه وسلم حرام على أحد القولين؛ كما حكاه ابن الصباغ ها هنا، والهدية ليست بحرام قولاً واحداً.
ولو وهب لولده رجع فيما وهبه، وإن تصدق عليه كان في رجوعه خلاف، واختيار القاضي الحسين: أنه يحنث بالتصدق على الغني دون الفقير.
وهذا كله في الصدقة المتطوع بها، أما الصدقة الواجبة فلا يحنث بها، وعن القفال: أنه يحنث.
وكما يحنث بالصدقة يحنث بالهدية والنحلة والعمري والرُّقْبَى؛ لما ذكرنا [من أن] الهبة اسم لجنس ما يملكه من غيره في حال الحياة بغير عوض، وذلك مشتمل على أنواع: فالهدية لنظيره، والهبة لكل أحد، والنحلة لولده، والعمرى في حال حياته، وكذا الرقبى.
وفي "الرافعي" حكاية وجه عن ابن كج: أنه لا يحنث بذلك، وهو ضعيف.
ولو وقف عليه، وقلنا: [إنه] لا يملك، لم يحنث، وإن قلنا: إنه يملك، [حنث، قال المتولي: على الظاهر. وفي هذا إشارة إلى خلاف فيه.
ولو قدم إليه طعاماً، فأكله: فإن قلنا: إنه لا يملكه، لم يحنث، وإن قلنا إنه يملكه،] ففيه تردد. وقد حكى المتولي في الحنث وجهاً. وقال الغزالي: الوجه القطع بأنه لا يحنث؛ لأنه لم يجر لفظ "التمليك"، وبعده عن اسم الهبة.
قال: وإن أعاره أو وصى له، لم يحنث.
أما عدم حنثه بالإعارة؛ فلخروجها عن حد الهبة، وكذلك الوصية، ولأن التمليك فيها يحصل بعد الموت، والميت لا يحنث.
وعن أبي الحسين بن القطان: أنه يحنث بالوصية.
قال: وإن وهب له، فلم يقبل- لم يحنث؛ لأن العقود الفاسدة لا تدخل تحت