قال الرافعي: لكن يشبه أن يكون الراجح الوجه الذاهب إلى أنه لا يحنث، وما قاله مستمد مما إذا حلف: لا يأكل هذه الحنطة، فجعلها دقيقاً.

وإن قال: لا ألبسه وهو رداء، فقطعه قميصاً ولبسه، لم يحنث.

قال الماوردي: وهذا مما اتفق عليه أصحابنا.

ولو قال: لا ألبس هذا، من غير تعرض لصفته ولا لصفة لبسه- فهذا يحنث على أي حال لبسه، وعلى أي صفة لبسه مع تغير أحواله وأوصافه؛ اعتباراً بعقد اليمين على عينه دون صفته.

قال الماوردي: وهذا مما اتفق أصحابنا عليه.

وفي ابن يونس تصوير مسألة الكتاب بهذه الصورة.

وما قاله الماوردي يوافق ما أورده الأصحاب فيما لو أشار إلى حنطة، وقال: والله لا أكلت هذه؛ فإنه يحنث بأكلها على أي صفة كانت.

فرع: لو جعل القميص المحلوف عليه رداءً، وقلنا: إنه لا يحنث بلبسه- فلو أعاده كما كان ففي حنثه بلبسه وجهان تقدما في مسألة الدار إذا أعيدت بنقضها.

قال: وإن حلف: لا يلبس حلياً، فلبس خاتماً، أي: من فضة أو ذهب، أو مخنقة [من] لؤلؤ، [أي]: ولبس معه غيره- حنث؛ لأنه يسمى حلياً؛ قال الله تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً} [الحج: 23]، ولأنه لو لبس المنطقة والطوق والسوار حنث؛ فكذلك الخاتم.

وفي "التهذيب" حكاية وجه في المنطقة. وكما يحنث بالمخنقة اللؤلؤ يحنث بمثلها من الجواهر النفيسة: كالياقوت، والزبرجد، و [العقيق] ونحو ذلك؛ على ما حكاه البندنيجي.

وهل يحنث إذا لبس الخرز والسُّنُح؟ ينظر: إن كان ممن عادته التحلي به كأهل السواد، حنث، وإن كان من غيرهم ففي حنثه خلاف ذكر مثله في مسألة الرءوس.

تنبيه: المخنقة، بكسر الميم: مأخوذة من الخناق، بضم الخاء وتخفيف النون، والمخنق- بفتح الخاء والنون المشددة-: موضع "المخنقة" من العتق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015