وقال أبو العباس بن سريج: يحنث في مسألة الحنطة؛ كما لو حلف: لا يأكل هذا الحمل، فذبحه وأكله.
وفرق الأصحاب بأن الحمل لا يؤكل، [و] القمح يمكن أكله، وبأن الحمل ممنوع من أكله في حال الحياة من غير يمين، فلم يدخل تحت اليمين، والحنطة غير ممنوع من أكلها؛ فتعلق بها اليمين.
ولا فرق فيما ذكرناه بين أن يقول: لا آكل هذه الحنطة، أو: منها.
وقال الصيدلاني: إذا قال: لا ىكل منها، حنث بأكل كل ما يتخذ منها، ولو حلف: لا يأكل هذه الحنطة، فجعلها دقيقاً أو سويقاً أو خبزاً، فأكله- حنث. قال الإمام: وفاقاً.
ولو قال: والله لا آكل حنطة، ولم يشر إلى شيء، فإذا اتخذ من الحنطة دقيقاً أو شيئاً غيره، وأكله- لم يحنث. هكذا وقفت عليه في "الرافعي" وغيره.
وفي "النهاية" فيما إذا حلف: لا يلبس قميصاً، ولم يعين شيئاً، فأخذ قميصاً وفتقه، وخاط من فتوقه رداءً- حكاية وجهين في حنثه بلبسه، وقد يظهر أن المسألة مشابهة لمسألة الحنطة، ويطلب الفرق بينهما.
فرع: لو حلف: لا يأكل من لحم هذا الحمل، فصار كبشاً، أو: لا يأكل هذه البسرة، فصارت رطبة، و: هذه الرطبة، فصارت تمرة، فأكلها، أو: لا يكلم هذا الصبي، فصار شابّاً، أو: هذا الشاب، فصار شيخاً، فكلمه- لم يحنث؛ كما في مسألة الحنطة. وقال ابن أبي هريرة بحنثه، بخلاف مسألة الحنطة؛ لأن الانتقال في الحنطة بصنعه، وفيما ذكرناه بلا صنعة؛ فلا يمتنع الحنث به. وأبطل ما ذكرناه في البيضة إذا صارت فرخاً.
قال: وإن حلف: لا يأكل الخبز، فشرب الفتيت- لم يحنث؛ لأنه ليس بأكل، ولو أكل ما يسمى خبزاً حنث، سواء كان من بر أو شعير أو ذرة أو أرز أو باقلاء، وسواء كان ذلك معروفاً في بلده أو لم يكن.