قلت: لما كان قول الزوج لها: اختاري مشعراً بالتروي، اقتضى الإمهال بوضعه في إيقاع الطلاق، أو تركه؛ إذ التروي [لابد له من زمن] يقع فيه، وأقل شيء يمكن الضبط به المجلس؛ فلذلك صدر الشيخ كلامه بالمنصوص، ورجحه.

ولما كان قوله: طلقي نفسك متناولاً لأول زمان الإمكان: إماحتماً دون غيره؛ إذا قلنا: [إن] الأمر يقتضي الفور، أو جوازاً- حملناه عليه؛ لأنه الظاهر من اللفظ؛ فلذلك جزم به، وأعرض عن النص.

ولا غرو في أن يختار المصنف خلاف المنصوص لمعنى ظهر له.

وقد قال الرافعي: إن الذي عليه الأكثرون، وبه قال أبو إسحاق: الأول؛ كما جزم به الشيخ.

وفي النهاية: أن القول الثاني غلط غير معتد به.

وعن القفال أنها لو قالت له عقيب قوله: طلقي نفسك-: كيف يكون تطليقي لنفسي؟، ثم قالت: طلقت نفسي، وقع الطلاق، ولم يكن هذا القدر قاطعاً، وهذا ينبني على أن تخلل الكلام اليسير لا يضر.

أما إذا قلنا: إنه توكيل؛ فيجيء فيه من البحث ما ذكرناه في اشتراط القبول من الوكيل.

وإذا قلنا: إنه توكيل، وجوزنا للوكيل أن يطلق في أي وقت شاء، فهل يجيء مثله ها هنا؟ فيه وجهان:

أصحهما: نعم، كما في توكيل الأجنبي.

والثاني: عن القاضي الحسين: أن تطليقها [يكون] على الفور أيضاً؛ فإن توكيل المرأة يشعر بتمليكها لفظاً، والتمليك اللفظي يقتضي جواباً عاجلاً؛ ولهذا لو قال لزوجته: أنت طالق إن شئت، اقتضى ذلك قبول المشيئة، بخلاف ما لو قال: أنت طالق إن شاء زيد، فتضمن قوله: طلقي نفسك جواباً عاجلاً، بخلاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015