واعلم: أنه يتجه أن يخرج وجه فيما إذا طلقت في الحال من غير قبول: أنه لا يقع من قولنا: إنه توكيل، وأنه لابد من القبول باللفظ وقد جزم الإمام بالوقوع كالشيخ، وإن كان قد حكى فيما إذا طلقت بعد مفارقة المجلس تخريجه على اشتراط القبول.

قال: وإن أخرت، أي: بقدر ما ينقطع به القبول عن الإيجاب- ثم طلقت، لم يقع- أي: إذا قلنا إنه تمليك- وهو ما يوجد في كتب العراقيين؛ لأن الطلاق جعل متضمناً للقبول، والقبول يشترط أن يكون في مجلس التواجب، كما في سائر التمليكات.

قال: إلا أن يقول: طلقي نفسك متى شئت، أي: فيقع لتصريحه بذلك؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم لما خير عائشة قال [لها]: "وَلَا عَلَيْكِ أَلَّا تَعْجَلِي بِالْجَوَابِ حَتَّى تَسْتَامِرِي أَبَوَيْكِ"؛ فدل على جواز التأخير بالإذن.

وقيل: لها أن تطلق ما لم ينقض المجلس، أو يحدث ما يقطع ذلك، وجعله في املهذب المنصوص، وبه قال أبو العباس بن القاص؛ لأنه روي عن عمر وعثمان: أنهما كانا يقولان: إذا خير الرجل امرأته، أو ملكها أمرها، فافترقا من ذلك المجلس، ولم يحدث شيئاً، فأمرها إلى زوجها.

وعن جابر وابن مسعود نحو منه، ولا يعرف مخالف لهم؛ وهذا ما حكاه في التتمة تفريعاً على هذا القول، ويؤيده ما حكاه القاضي أبو سعد الهروي من أن العراقيين من أصحابنا اكتفوا بوقوع القبول في النكاح في مجلس التواجب، وأنهم جعلوا حكم نهاية المجلس حكم بدايته على ما حكيناه في النكاح.

فإن قيل: قد حكى الشيخ هذا القول عند قوله: وإن قال: اختاري، فهو كناية تفتقر إلى القبول في المجلس؛ على المنصوص، وصدر القول به، وكان ذكره هنا من طريق الأولى؛ لأن الكناية أضعف من الصريح، وقد جاز عندها التأخير عن الفورية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015