في هذا المقام تسليم المعقود عليه.
وإن جرى مجرى العتق بالصفة لم يقع إلا بوجود جميع الصفة.
فرع: لو كاتبه على دينارين: دينار يؤديه بعدش هرٍ، ودينار يؤديه بعد شهرين، على أنَّه إذا أدَّى الدينار الأول عتق، وأدَّى الدينار الآخر وهو حرُّ- قال ابن سريج: كان فيه قولان: أحدهما: يفسد العقد؛ لأنه شرط ما ينافي مقتضاه، والثاني: يصح؛ لأنه لو كاتبه مطلقاً، وأدّى بعض المال، وأعتقه على أن يؤدي الباقي بعد عتقه- جاز، فإذا شرطه في الابتداء وجب أن يصح، قاله في "الشامل" و"البحر" وغيرهما.
قال: وإن كان [عبد بين] اثنين، فكاتباه [أي: معاً]، وأبرأه أحدهما عن حقّه أو مات أي: السيد المكاتب، وأبرأه أحد الوارثين عن حقّه- عتق نصيبه؛ لأنه أبرأه عن جميع ما يستحقه عليه؛ فعتق؛ كما لو كان هو المكاتب لجميعه فأبرأه عن النجوم".
قال وقوّم نصيب شريكه أي: في الحال، إن كان موسراً في أحدا لقولين؛ لأن المبرئ كان يمكنه ترك البراءة حتى يعتق الجميع أو يعجز الجميع، فلمّا عجل العتق بالإبراء قبل الأداء إلى شريكه، كان ذلك منه جناية أدّت إلى تبعيض حريّته؛ فوجب التقويم عليه، كما لو لم يكن مكاتباً.
ولأن العتق إذا تعلق بشيئين روعي أعجلهما، وهذا ما رجحه المزني في الصورة الأولى في باب من أبواب هذا الكتاب، وجزم به بعضهم في الصورة الثانية، كما حكاه في "البحر".
وقال في "الإبانة": إنَّه مخرج.
فعلى هذا يكون في وقت السراية الأقوال الثلاثة التي تقدّمت في كتاب العتق، كما صرّح به البندنيجي، وقال: إن قلنا: يسري بنفس اللفظ، قوَّمنا حصة الشريك وهو حرٌّ، وإن قلنا: لا يسري إلَّا بدفع القيمة، قوَّمناها مكاتباً.
قال دون الآخر؛ لما في التنفيذ في الحال من إبطال حقِّ الشريك