وأيضاً: فإن الإيتاء إنما شُرع؛ حتى لا يعجز العبد بهذه البقية، وإذا شهد أخص مقاصد الحكم في أمر لم يسع مخالفته.

إذا مات السيد بعد القبض وقبل الإيتاء، قضى ذلك من تركته، فإن كان ورثته صغاراً دفع الحاكم [أو الوصي] إليه أقل ما يقع عليه الاسم. فإن كان على الميت دين زاحم المكاتب الغرماء، وقيل: إن ذلك كالوصايا؛ فيؤخر عن الديون، حكاه البندنيجي عن بعضهم؛ أخذاً من قول الشافعي: فإن مات السيد بعد قبض جميع الكتابة حاص بالذي له أهل الدين والوصايا.

وحكى أبو إسحاق المروزي [عن بعضهم] أنَّه قال: وإنما أجراه مجرى الوصايا، لأنه ليس بشيء محدود فيضرب به مع الغرماء، وإنما يمكن أن يضرب به مع الغرماء إذا كان له حد معلوم قال أبو إسحاق: والأول أشبه بمذهب الشافعي، رضي الله عنه.

ثم هذا إذا كان المال الذي آتاه المكاتب قد فُقِدَ، أما إذا كان موجوداً، أو قدر الإيتاء منه موجوداً تعين حقُّه فيه، وقُدّم على سائر الغرماء؛ كالبائع إذا وجد عين ماله قبل قبضه الثمن.

قال: ولا يعتق المكاتب ولا شيء منه ما بقي عليه درهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "المُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ دِرْهَمٌ" خرجه أبو داود.

ولأن أحكامه إمَّا أن يغلب عليها [حكم] المعاوضات؛ فتجري مجرى البيع، أو حكم الصفات؛ فتجري مجرى العتق بالصفة.

فإن كان الأول، فالبيع لا يلزم فيه تسليم المبيع قبل تسليم جميع ثمنه، والعتق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015