وقيل: إنه كان أول من أوصى بالثلث, وأول من أوصى بأن يدفن إلى القبلة, ثم صارا جميعاً سنة مشروعة.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون الموصي جاهلا بقدر ثلثه أو عالما. ثم الاعتبار بثلث ماله حال الوصية أو حال الموت؟ فيه وجهان:
[الذي ذهب إليه أكثر البغداديين منهما: الأول؛ حتى لا يدخل فيه ما حدث له من بعد].
والذي ذهب إليه أكثر البصريين: الثاني, وهو الذي صححه البندنيجي والرافعي. وحكي عن بعضهم الجزم به.
ومساق هذا الخلاف أنه لو كان ثلث ماله عند الوصية مائة, وصار عند الموت ألفا: أن الوصية هل تكون بثلث المائة أو بثلث الألف؟
وقد حكى الإمام عند الكلام فيما إذا قال: [أعطوه] رأسا من رقيقي عن الشيخ أبي علي في شرح التلخيص, أن الأصحاب لم يختلفوا في صرف ثلث ما خلفه, وإنما اعتبرنا كون ذلك فاضلا عن الدين. وإن كانت الوصية في الآية مقدمة تلاوة, وبها عمل أبو ثور؛ فقدم الوصية على الدين؛ لما روي عن ابن عباس أنه قال: "إنكم تقرءون الوصية قبل الدين, والدين مقدم عليها", ولا يقول هذا إلا توفيقا. ولأن الدين آكد من الوصية؛ فإنه لو استغرق جميع التركة لم يكن للورثة اعتراض بخلاف الوصية.
وإذا كان أقوى وجب أن يكون مقدما على الأضعف, وعلى هذا لا نقول بأن الوصية مع وجود الدين لا تصح؛ لأنه لو حصل إبراء من الدين أو تبرع أحد فقضاه من غير التركة, نفذت الوصية في التركة.
قال: فإن كان ورثته أغنياء, أي: بمال لهم, أو بما يحصل من ثلثي التركة كما قاله القاضي أبو الطيب والبندنيجي وصاحب البحر – استحب أن يستوفى الثلث, وإن كانوا فقراء, أي: لا يغنيهم الثلثان كما قال [القاضي] أبو الطيب وغيره – استحب ألا يستوفى الثلث؛ لما روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال: