وفي "النهاية" أنا إذا قلنا: الملك للموقوف عليه، ففيه وجهان:

أحدهما: أن الفداء على الواقف مطلقًا.

والثاني: أنا إن قلنا: إن الوقف لا يفتقر إلى القبول، فهو على الواقف، وإن قلنا: إنه يفتقر [إلى القبول]، فهو على الموقوف عليه؛ لأنه سبب إلى تحقيق المانع من البيع، وقد انضم إليه كونه مالكًا.

[ولا فرق] على الصحيح في إيجاب الغرم على الواقف بين أن يكون الجاني مات عقيب الجناية أو يبقى، وبه قال ابن الحداد. وفيه وجه: أنه إذا مات عقيب الجناية بلا فصل أنه يسقط الفداء، كما لو جنى القِنُّ ومات، والقائلون بالأول فرقوا بأن القن تعلق الأرش برقبته، فإذا مات فات، وهاهنا تضمين الواقف كان بسبب كونه مانعًا من البيع بالوقف وقد تحقق، وهذا الخلاف يجري فيما إذا جنت أم الولد وماتت.

فرع: إذا قلنا بوجوب الأرش على الواقف، فلو وجدت الجناية بعد موته، قال في "التتمة": لا يفدى من تركته؛ لأنها انتقلت إلى الوارث، والملك في الوقف: ما انتقل إليه، وهذا ما يرشد إليه قول الشيخ في ملك الواقف: وهو بعد الموت لا ملك له، فعلى هذا يتعلق بكسبه في وجه، وفي وجه: يكون في بيت المال.

وفي "الجرجانيات": أنه إن ترك مالاً فعلى الوارث الفداء منه؛ لأن العبد ممنوع البيع بسبب صدر منه في حياته، فلزمه ضمان جنايته في ماله.

قال: ويَنْظُر في الوقف مَنْ شَرَطَهُ الواقفُ، لأنه المتصرف بصدقته فهو أحق من يقوم بإمضائها وصرفها إلى مصارفها، وقد ثبت أن عمر – رضي الله عنه – كان يلي أمر صدقته، ثم جعله إلى حفصة وبعدها إلى ذوي الرأي من أهلها، وأشار في "النهاية" إلى خلاف فيما إذا كان الوقف على معين، وشرط التولية لأجنبي هل يتبع شرطه إذا فرعنا على أن الملك في الوقف للموقوف عليه؟ وعلى الأول لا فرق بين أن يفوض النظر إلى واحد أو إلى أكثر منه.

ويجوز أن يشترط لواحد العمارة وتحصيل الرَّيْع، [و] إلى آخر حفظه وقسمته،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015