صدرت من مملوكه الذي لا يقدر على بيعه فوجب [عليه] كجناية أم الولد، وهكذا الحكم فيما إذا قلنا: إن الملك للواقف يكون الأرش عليه.

قال وإن قلنا: لله تعالى، فقد قيل في ملك الواقف؛ لأنه منع البيع بسبب من جهته وهو الوقف؛ فأشبه سيد أم الولد، وهذا قول أبي إسحاق، وهو الأصح في "المهذب" وغيره.

وقيل: في بيت المال؛ لأنه إيجابه على الواقف والموقوف عليه متعذر؛ لزوال ملكهما، وتعلقه بالرقبة غير ممكن؛ لأنه لا يتعلق إلا بما يمكن بيعه، ولا ذمة له تنتظر؛ فوجب في بيت المال؛ كالحر المعسر إذا جنى خطأ ولا عاقلة له. ويفارق هذا أم الولد؛ لأن حكم الملك باق لسيدها، مع أنه يمكنه التخلص من عهدتها بعتقها.

وقيل: في كسبه؛ لأن محله كان للرقبة، فإذا تعذر [تعلقه بها تعلق] بأقرب الأشياء إليها وهو الكسب المستفاد منها لحقوق النكاح، وبالقياس على النفقة.

وعلى هذا: فلو لم يكن له كسب لم يجز إلا الوجهان السابقان، ثم أضعف الوجوه – كما قال الروياني-: إيجابه على الموقوف عليه؛ لأنه يؤدي إلى الإجحاف به بأن يجني جنايات كثيرة، ويفارق أم الولد؛ لأن هناك في أحد القولين لا يلزم السيد أكثر من قيمة واحدة لجميع جناياتها، وفي القول الآخر: يجب أرش جميع الجنايات عليه؛ لأنه يمكنه التخلص بعتقها، والموقوف عليه لا يمكنه أن يتخلص.

وعلى كل حال: فكل من ألزمناه الأرشَ يلزمه أقل الأمرين من قيمته أو أرش الجناية كما قلنا في جناية أم الولد، [وهكذا حكمُ تكرُّرِ جناية أم الولد]. هذا هو المشهور في طريق العراقيين، وكذلك هو المذكور في "تعليق" القاضي الحسين و"الإبانة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015