أحدها: قال: قطع الشافعي بأنه لا ضمان على الحجام يأمره الرجل أن يحجمه أو يختن غلامه أو يشرط دابته.

والثاني: قال: ما علمت أحداً ضمن الراعي بالمنفرد بالرعي.

والثالث: قال الشافعي: لو اكترى رجلاً ليخيط متاعه في دكانه، فاحترق المتاع، لا ضمان عليه.

فإذا ألقوا عن هؤلاء الضمان؛ لزمهم إلقاؤه عن الصانع- يعني: عن الأجير المشترك- وقد وافقه الغزالي في مسألة الراعي، فادعى الإجماع فيها وكتب الأصحاب كافة من "الحاوي" و"الشامل" و"تعليق" أبي الطيب، وغيرها مصرحة بأن الأمر فيما ذكره المزني خلا الحر- كما هو مذكور في غيره حرفاً بحرف حتى جعل ابن الصباغ إذنه للراعي بالرعي في موات بمنزلة رعيه في ملكه؛ فلا يضمن وإن لم تكن مشاهدة.

فرع: إذا ضاع حلي الطفل في يد المرضعة هل تضمنه؟

قال الماوردي إن قيل: إن الأجراء يضمنون- انبنى ذلك على أن الأجرة للرضاع والخدمة تبع أو للخدمة والرضاع تبع؟ فعلى الأول: [لا] ضمان وعلى الثاني: لا تضمن إن كانت منفردة، وتضمن في أحد القولين إن كان مشتركاً.

واعلم أن ظاهر كلام الشيخ يقتضي إجراء الخلاف في الأجير المشترك والمنفرد كما هو ظاهر النص في "المختصر"؛ لأن كل ما فسر به المشترك والمنفرد كما سنذكره عن الجمهور ينطبق عليه كلامه، وقد صرح بذلك صاحب الإفصاح وصححه الروياني في البحر، والقاضي الحسين وغيرهما، وقد روي عن ابن أبي أحمد [وأبي الحسن بن القطان] والقفال: أن الأجير المنفرد لا يضمن قولاً واحداً، وإنما الخلاف في المشترك، والأجير المشترك على الصحيح عند الروياني وغيره، هو الذي يتقبل العمل في ذمته كما هو دأب الخياطين والقصارين، والحمالين ونحو ذلك، فإذا التزم لواحد أمكنه أن يلتزم لغيره مثل ذلك العمل؛ فكان مشتركاً بين الناس، والمنفرد: هو الذي أجر نفسه مدة مقدرة لعمل فلا يمكنه تقبل مثل ذلك العمل لغيره في هذه المدة، وعبر القاضي الحسين عن هذا بأن المشترك: هو الذي لا يستحق الأجرة إلا بالعمل، والمنفرد: هو الذي يستحقها بالتمكين ومضي المدة وقيل: المشترك هو الذي يشارك في الرأي، فيقال له:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015