قال: وإن كان في غير ملك المستأجر؛ ففيه قولان:

أصحهما: أنه لا يضمن؛ لأنه قبض العين لمنفعته ومنفعة المالك، فلم يضمنها من غير تعد كالعين المستأجرة ومال القراض والرهن، وهذا ما اختاره المزني.

والقول الثاني: أنه يضمن؛ لقوله صلى الله عليه وسلم "عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ"؛ ولأنه أخذ العين لمنفعة نفسه من غير استحقاق فأشبه المستعير والمستام؛ ولأن الأجرة ترجع إليه فوجب أن يكون الضمان عليه، كما لو أجر دابة فتلفت تحت يد مستأجرها، فعلى هذا حكمه في الضمان حكم المستعير والمستام، ففي وجه [عند العراقيين]: يضمن القيمة وقت التلف.

وفي وجه: يضمن ضمان الغصوب، وهو اختيار أبي حامد كما حكاه في البحر، ولا شك في ضمان الحر.

وهذه الطريقة هي الصحيحة، وعليها يدل قول الشافعي في المختصر.

والأجراء كلهم سواء؛ فما تلف في أيديهم من غير جنايتهم ففيه واحد من قولين:

أحدهما: الضمان؛ لأنه أخذ الأجرة.

والقول الآخر: لا ضمان إلا بالعدوان، ومن الأصحاب من قطع بالقول الأول؛ لما حكي عن الربيع أنه قال: كان الشافعي يرى أن الأجراء لا يضمنون، غير أنه كان لا يبوح به؛ مخافة [من] أجراء السوء، وأن القاضي يقضي بعلمه غير أنه كان لا يبوح به؛ مخافة قضاة السوء.

وروى الحارث أن الشافعي سلم لقصار ثياباً مرتفعة فاحترق دكان القصار، واحترقت الثياب، فتشفع القصار إليه بقوم في الصبر عليه إلى أجل، فقال: لا أضمنه شيئاً؛ لأنه لم يصح عندي أن الصناع يلزمهم الضمان؛ كذا حكاه في البحر والقائل بهذا الطريق حمل قوله في المختصر: "ففيه واحد من قولين" على ترتيب من يفصل بين أن يتلف الشيء في يده بفعله من غير تعد، وبين أن يتلف بآفة سماوية، وهو أبو حنيفة؛ فإنه لا وجه إلا الضمان مطلقاً أو عدمه مطلقاً.

وقد استدل المزني على ما اختاره بثلاثة أشياء:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015