ووجه ذلك: بأن مسجد المدينة أفضل من المسجد الأقصى؛ ولأجل ذلك صححه النواوي في "الروضة".

ولا خلاف في أنه لو نذر صلاة ركعتين في المسجد الحرام، لا يجزئه فعلهما في غيره من المسجدين، ومن طريق الأولى: ألا يجزئه فعلهما في سائر المساجد.

لكني [رأيت فيما] وقفت عليه من "تعليق" القاضي أبي الطيب: أنه لو نذر أن يصلي ركعتين في الكعبة، فإن قلنا: إنه ينعقد نذره، يلزمه المضي، وصلاة ركعتين فيه وإن قلنا: لا ينعقد نذره؛ فإنه يلزمه صلاة ركعتين في أي موضع شاء؛ وهذا لم أره في غيره، نعم: حكى مجلي عن المراوزة قولاً: أنه إذا نذر الاعتكاف في المسجد الحرام، لا يتعين عليه الاعتكاف فيه؛ وهذا يقوى بما ذكره القاضي.

وقد قال القاضي: إن على القولين في مسألة الكتاب يخرج ما إذا نذر أن يمشي إلى قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني: في لزوم المضي إلى مسجده - صلى الله عليه وسلم - وفعل ما يجب عليه إذا نذر المضي إليه.

وقد رأى ابن كج فيما إذا نذر أن يزور قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه يلزمه الوفاء به وجهاً واحداً، وأنه إذا نذر زيارة قبر غيره؛ ففي لزوم ذلك له عندي وجهان.

فرع: إذا قلنا يلزم المضي إلى أحد المسجدين، فهل يجب عليه المشي إذا كانت صيغته: "لله علي أن أمشي"؟ قال في "التهذيب": إن قلنا فيما إذا نذر الحج ماشياً: يلزمه المشي من دويرة أهله، لزمه هاهنا، وإن قلنا: لا يلزمه المشي ثم، أو يلزمه من الميقات، فلا يلزمه هاهنا، وله أن يركب.

وقال في "الحاوي": في لزوم المشي له وجهان:

أحدهما: لا يجب، ويكون لفظ المشي محمولاً على القصد، فإن مشى أو ركب جاز، والمشي الذي صرح به أفضل.

والثاني: أنه يجب، وهو الأظهر عند غيره؛ اعتباراً بصريح لفظه؛ وعلى هذا لو ركب؛ ففي إجزائه وجهان:

أحدهما: لا يجزئه؛ إذا قيل: إن نذره مقصور على الوصول إليه؛ لأنه يصير المشي هو العبادة المقصودة، [و] عليه إعادة قصده إليه ماشياً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015