إليه، ويصلي فيه ركعتين. وإن قلنا بالثاني، فإنه لا يلزمه المضي، ويصلي ركعتين في أي المواضع شاء.
وقد حكى الإمام عن العراقيين وراء هذه الطريقة طريقة أخرى قاطعة بأنه تلزمه الصلاة فيه، وهي التي حكاها عن المراوزة لا غير؛ قياساً على ما لو نذر صلاة ركعتين في البيت الحرام؛ بجامع ما اشتركوا فيه من زيادة الأجر؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة في غيره"؛ وهذه الطريقة هي المختارة في "المرشد".
وقال الإمام- تفريعاً عليها-: إنه لو نذر الصلاة في مسجد المدينة، فهل تجزئه في المسجد الأقصى، وبالعكس؟ وجهان:
المختار منهما في "المرشد": الإجزاء؛ كما لو صلاها في المسجد الحرام؛ فإنه يخرج عن موجب نذره؛ كما قال القاضي الحسين، وغيره نسب ذلك في كتاب الاعتكاف إلى نصه في البويطي.
وقال الإمام: إنه يجزئ على الصحيح، وفيه شيء؛ أخذاً من الإلزام.
قلت: ويتجه أن يكون في المسألة وجه ثالث فارق بين أن تكون المسافة بين المسجدين من مكانه متساوية في المشقة والرفق فتجزئه الصلاة في أحدهما عن الآخر، وبين أن تكون متفاوتة؛ فلا يجزئه الأخف عن الأثقل؛ أخذاً من قول الأصحاب فيما إذا نذر الجهاد في جهة، هل تتعين أو له أن يجاهد في جهة أخرى؟ وفيه ثلاثة أوجه، حكاها الإمام:
أحدها: أنها تتعين، وهو مذهب صاحب التلخيص، ولم يحك في "البحر" غيره.
والثاني: لا تتعين، ويخرج الناذر عن عهدة النذر بجهاد وإن قرب وسهل، وهو قول الشيخ أبي زيد.
والثالث- وإليه ميل الشيخ أبي علي-: أن تلك الجهة لا تتعين، ولكن يخرج الناذر عن موجب نذره بالجهاد فيها أو في مثلها في المسافة والسهولة؛ كما قلنا في الميقات.
وقد حكى ابن الصباغ وغيره في كتاب الاعتكاف عن النص في "البويطي": أنه إذا صلى في مسجد المدينة ما نذر صلاته في المسجد الأقصى، أجزأه، ولو انعكس الأمر لم يجزئه، ولم يورد الفوراني [والقاضي الحسين] سواه.