والثاني: أن المشي مساوٍ للركوب في الأفضلية- كما تقدم- فلا جرم، خير بينهما.
الوجه الثاني: أنهما يجبان؛ لأن في المشي زيادة عمل، وفي الركوب زيادة نفقة، وكلاهما قربة.
والثالث- قال: وهو الأشبه-: إنه يلزم المشي دون الركوب؛ لأن في المشي مضشقة؛ فلزم لتغليظه، وفي الركوب ترفه؛ فلم يلزم لتخفيفه، وأداء الأخف بالأغلظ مجزئ دون العكس.
قال: وعلى الأول يلزمه أن يحرم بالحج من الميقات، وعلى الثاني من حين خروجه [من دويرة أهله.
وعلى الثالث: إن كان قد نذر الحج ماشياً فمن حين خروجه]، وإن كان قد نذره راكباً فمن الميقات.
وحيث قلنا: يلزم الركوب أو المشي، فترك أحدهما إلى الآخر، فهل يلزمه الجزاء؟
فيه ثلاثة أوجه؛ ثالثها: يلزمه إن ترك المشي إلى الركوب، ولا يلزمه إن ترك الركوب إلى المشي؛ وهذا إذا كان الركوب لغير عذر، فإن كان لعذر ففي وجوبه- والحالة هذه- إذا قلنا بوجوبه في الحالة الأولى. وجهان.
أحدها: يلزمه بدنة؛ قاله في "التتمة".
والثاني: فدية الحلق، وهو الصحيح في "التتمة".
والثالث- حكاه الماوردي مع الذي قبله-: أنه يلزمه فدية التمتع.
وقد ادعى القاضي أبو الطيب في أثناء كلامه في المسألة: أنا أجمعنا على [أن] البدنة لا تجب عليه.
واعلم أن ما ذكرناه في لزوم الركوب والمشي بالنذر إذا كان الحج منذوراً أيضاً.
أما لو نذر الركوب أو المشي في حجة الإسلام، فإن قلنا: لا يلزم عند نذره في