وعن عكرمة عن ابن عباس أن أختب عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى بيت الل، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تركب وتهدي هدياً.
قال الإمام: وحديثها محمول على العجز، فإن المرأة لا تستقل بالمشي في غالب الأمر.
وأخت عقبة: هي [أم] حبان بنت عامر.
ولأن ما وجب بتركه [الدم] مع القدرة، وجب بتركه مع العجز؛ كسائر المناسك.
والقول الثاني: لا يلزمه شيء؛ كما لو عجز عن القيام في الصلاة التي نذر القيام فيها، فصلى قاعداً؛ فإنه لا يلزمه شيء؛ لأنه ليس من أبعاض الحج شرعاً؛ وهذا قال في "التتمة"، و"البحر": إنه المذهب؛ فإنه قال: وإذا ركب أراق دماً؛ احتياطاً من قبل أنه إذا لم يكن مسيئاً سقط.
والقائلون بالأول، فرقوا بين الصلاة والحج بما أشار إليه الشافعي، وهو أن الصلاة لا تصلح بالمال؛ بخلاف الحج.
وقد أشار المتولي إلى أن الخلاف في المسألة انبنى على أن من نذر أن يصوم متتابعاً، فأفطر بالمرض، هل ينقطع التتابع أم لا؟
أما إذا قلنا: إن الركوب أفضل من المشي، لم يلزمه المشي عيناً، وإذا ركب فلا دم عليه.
وقد جمع في "الحاوي" بين مسألة نذر الحج راكباً، ونذره ماشياً، وقال: فيهما ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يلزمه الركوب، ولا المشي؛ لأنه لما لم يجب واحد منهما بالشرع، لم يجب بالنذر، فله أن يركب إن شرط المشي، ويمشي إن شرط الركوب؛ لأنه- عليه السلام- خير أخت عقبة بن عامر في الركوب والمشي.
قلت: ولهذا الوجه مأخذان:
أحدهما: أنه لا يلزم بالنذر إلا ما له أصل في الوجوب؛ كما ذهب إليه الشيخ أبو محمد وغيره.