والفرق: أن الخروج في النفر الثاني لا حكم له؛ فإنه منتهى الوقت نفر أو لم ينفر؛ فكان خروجه وعدم خروجه بمثابة [واحدة] [بخلاف] الخروج في النفر الأول؛ [فإن له] حكماً؛ فإنه لو لم يخرج منه، بقي إلى اليوم الثالث؛ فأثر خروجه في قطع علائق منى وإذا انقطعت العلائق، لم يعد.
ولا خلاف في أنه إذا أخَّر الرمي حتى مضت أيام منى: أنه لا يقضي الرمي بعدها؛ كما قال الماوردي، والقاضي الحسين وغيرهما.
قال القاضي الحسين: لأن الرمي تابع للوقوف؛ بدليل أن العمرة لما لم يكن لها وقوف، لم يكن لها رمي، ومن فاته الوقوف بعرفة، سقط عنه الرمي، ثم للوقوف وقت يفوت فيه، كذلك ما كان تابعاً له.
وقال الإمام: لأن الغالب في الرمي التعبد، فكما لا يعدل عن الجنس المرمي به إلى غيره؛ فكذلك يجب ألا يعدل عن الوقت.
نعم: لو ترك رمي اليوم الأول، فهل يأتي به في اليوم الثاني؟ أو [ترك] رمي اليوم الأول والثاني، فهل يأتي به في اليوم الثالث أداء؟ فيه قولان مأخذهما: أن أيام منى هل تجعل كاليوم الواحد بالنسبة إلى الرمي؛ كما جعلت في جواز الأضحية كاليوم الواحد أم لا؟ لأن الرمي فيها مؤقت، ولوجعلت كاليوم الواحد، لجاز رمي جميعها في اليوم الأول، وهو لا يجوز إجماعا، كما قال الماوردي؟
فالقديم، والجديد، وأحد قوليه في "الإملاء": الأول، وهو الصحيح، واختيار الشافعي – رضي الله عنه- كما قال البندنيجي؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّصَ لرعاة الإبل وأهل سقاية العباس: أن يدَعوا رمي اليوم الأول، ويقضوه في اليوم الثاني؛