يجب عليه ذلك سواء رجع فرمي أو لم يرجع؛ فإن الدم ثابت في ذمته؛ لأن الخروج من الحج بمنزلة خروج [الوقت]، وقد ثبت أنه يجب عليه الدم إذا أخلَّ بالرمي حتى خرج الوقت؛ فكذلك إذا خرج من الحج.

[و] الدليل على أنهما بمثابة واحدة: [أن الحاج] لا يجوز له أن يعتمر في أيام منى؛ لبقاء وقت الرمي، فلو تعجل في اليوم الثاني، فنفر، جاز له أن يعتمر وإن كان وقت الرمي باقياً؛ لأنه بالنفر خرج من الحج، وصار ذلك بمثابة تقضي وقت الرمي.

وقال القاضي الحسين: إن عاد بعدما نفر [قبل الغروب]، بعد الغروب – فالحكم كذلك.

وإن عاد قبل الغروب، فوجهان:

أحدهما: لا يرمي لما ذكرناه؛ وعلى هذا لا يلزمه المبيت بمنى إذا غربت الشمس، وه وبمنى.

والثاني: [يرمي] ويجزئه؛ لأن الرمي يحصل في وقته؛ فأشبه ما لو نفر يوم الأضحى، أو يوم القَرّ، ثم عاد، ورمى قبل غروب الشمس؛ وهذا ما صححه الرافعي.

وعلى هذا هل يجب عليه العود والرمي قبل الغروب، أو الجبر؟ فيه وجهان:

ويرجع حاصل ذلك عند الاختصار إلى ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه لا ينفعه العود.

والثاني: يجب عليه أن يعود ويرمي ما لم تغرب الشمس، فإذا غربت تعين الدم.

والثالث: أنه بالخيار إن أراد الرجوع والرمي وفعل أجزأه، وألا فلا يجب عليه الرجوع، ويجب الدم.

وقد حكاها الإمام عن رواية صاحب "التقريب" أقوالاً، وأنها تجري فيما إذا نفر في اليوم الثالث قبل الغروب، ثم عاد، ورمي قبل الغروب فيه، وأنه ذكر قولاً رابعاً عن ابن سريج: أن ذلك لا ينفعه بعد نفره في اليوم الثاني، وينفعه بعد نفره في اليوم الثالث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015