ويكره عند مخالفنا؛ [فثبت أنه ليس من أشهر الحج.
ولأن الله تعالى قال: {فَلَا رَفَثَ} [البقرة: 197] فنهى عن الرفث -وهو الجماع- في وقت الحج, وقد يحل الجماع في يوم النحر, وهو إذا طاف بعد نصف الليل, ورمى بعد طلوع الفجر, وكذا عنده إذا طاف بعد طلوع الفجر, ورمى بعد طلوع الشمس يستبيح الوطء في بقية يومه] فثبت أن ذلك ليس من جملة أشهر الحج.
والجواب عن حجة أبي حنيفة: أن معظم الحج يفعل في أيام التشريق, وهو الطواف, والرمي, والنحر, والمبيت بمنى, وليست من أشهر الحج.
وعن حجة مالك: أن العرب قد تذكر الشيئين وبعض الثالث باسم الجمع, قال الله تعالى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 227] ولو طلقها وكانت طاهرًا, ثم مضى جزء يسير, وحاضت, لكان ذلك الجزء مضافًا إلى قرأين كافيًا.
على أنا [قد] نقول: إن أقل الجمع اثنان, كما قاله [بعض] أصحابنا, فلا نحتاج معه إلى جواب.
وقد حكى الإمام ومن تبعه وجهًا: أنه لا يصح الإحرام به في الليلة العاشرة وهي ليلة العيد, كما حكاه القاضي الحسين عن ابن سيرين.
قال الرافعي: ويجوز أن يكون قائله هو القائل بأنها ليست وقتًا للوقوف, كما سيأتي, ويجوز أن يكون مستنده قول الشافعي -رضي الله عنه-: "أشهر الحج: شوال, وذو القعدة, وتسع من ذي الحجة, وهو يو معرفة, فمن لم يدركه إلى الفجر من يوم النحر, فقد فأنه الحج"؛ فإن الليلة العاشرة لو كانت منها لقال: وعشر من ذي الحجة. واعتقاده أن قول الشافعي: "وهو يوم عرفة" أي: اليوم التاسع يوم عرفة, وقوله: "فمن لم يدركه", أي: لم يدرك الوقوف في يوم عرفة الذي هو معظم الحج "إلى الفجر من يوم النحر, فقد فاته الحج", كما قدره المسعودي.
لكن الجمهور قالوا: المراد: من لم يدرك الإحرام إلى الفجر من يوم النحر, فقد فأنه الحج وأفرد الليلة العاشرة؛ لأن فوات الحج يتعلق بفواتها, ولأن المحرم بالحج فيها لا يحصل له فضيلة الإحرام؛ لأنه لم يجمع فيه بين الليل والنهار.