والثاني: لا؛ كما إذا استأجر من لم يحج أصلا ليحج عنه؛ وعلى هذا: فهل يستحق الأجرة؟ فيه قولان:
أصحهما: لا؛ لأن المستأجر لا ينتفع به.
والثاني: نعم؛ لأن له عملًا في اعتقاده؛ وعلى هذا: فهل يستحق أجرة المثل أو المسمى؟ فيه وجهان مأخذهما: أنا نتبين فساد الاستئجار أم لا؟
أما إذا لم يفعل عنه حتى قدر على ذلك بنفسه, ففعل, فلا يقع عنه قولاً واحدًا, قاله المارودي, ومثله في الصورة الأخرى: لو كان الأجير لم يفعل ما وقع عليه عقد الإجارة حتى مات المستأجر, ففعله عنه [بعد موته] أجزأه [عنه] قولاً واحدًا؛ لوقوعه في زمان يصح فيه النيابة عنه, قاله الماوردي أيضًا.
وقياسه: أن يقال بمثل ذلك لو فعله بعد أن صار إلى حالة أيس من البرء فيها.
قال: ومن وجب عليه ذلك, وتمكن من فعله, أي: أما بنفسه أو بغيره, فلم يفعله حتى مات –وجب قضاؤه من تركته؛ لما روى البخاري ومسلم: أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله, إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا, لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة, أفأحج عنه؟ قال: "نعم", قالت: أينفعه ذلك؟ قال: "نعم؛ كما لو كان على أبيك دين فقضيته نفعه [ذلك] ".
وروى الدارقطني بسنده عن ابن عباس أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي مات وعليه حجة الإسلام, أفأحج عنه؟ [قال: "نعم", قال: أو ينفعه ذلك؟ قال: "أرأيت لو كان على أبيك دين, فقضيته, هل ينفعه ذلك؟ "] قال: نعم, قال: "فدين الله أحق بالقضاء".
فشبه الحج بالدين الذي لا يسقط بالموت؛ فوجب أن يتساويا في الحكم, ولو