مثل ذلك, ثم مات من ذلك المرض بعد أن فعل عنه في حياته؛ فإن في وقوعه عن الفرض قولين محكيين في "الأم" جاريين –كما أبدأه ابن الصباغ احتمالًا- فيما إذا حج عن المجنون, ثم مات قبل الإفاقة, وكان قد استقر عليه الوجوب, ينظر في أحدهما إلى الحال, وفي الآخر إلى المآل: فإن نظرنا إلى الحال قلنا بالإجزاء في مسألتنا, وبالمنع في المقيس عليها, وإن نظرنا إلى المآل؛ انعكس الحكم.
والقاضي الحسين قال: إن أصل القولين ما إذا باع مال أبيه على ظن أنه حي, فبان ميتًا.
وقال الفوراني: أصلهما: القولان فيما إذا رأوا سوادًا, فظنوه عدوًا؛ فصلوا صلاة الخوف, ثم تبين خلافه, هل تجزئهم الصلاة أم لا؟ وقضية كل بناء تقتضي أن يكون الصحيح في إحدى الصورتين خلاف الصحيح في الأخرى, وقد صرج الماوردي وغيره بأن الصحيح فيهما: عدم الإجزاء.
والطريق الثاني: القطع بعدم الإجزاء في مسألتنا, كما نص عليه في "الأم", والقائلون بها فرقوا بأن الخطأ مستيقن فيها؛ لجواز ألا يكون المرض بحيث لا يوجب اليأس, ثم يزداد فيوجبه؛ فيجعل الحكم للمآل.
وقد اتفق الكل على أنه لو فعل ذلك في الصحة, ثم مات: لا يجزئ.
ثم حيث قلنا بعدم الإجزاء, وكان في صورة الاستجئار, فهل يقع ما أتى به الأجير تطوعًا عن مستأجره أو لا؟ في طريقة المراوزة حكاية وجهين فيه:
أحدهما –ويحكى عن رواية القفال-: نعم, وهو الذي صححه الغزالي, وإن كان الإمام وغيره استبعدوه؛ إقامة للعجز المقارن للاستئجار في تقديم حج التطوع على فرضه مقام الصبا والرق, فعلى هذا: هل يستحق الأجرة المسماة أو أجرة المثل؟ قال الشيخ أبو محمد: لا يمنع تخريجه على الوجهين الآتيين؛ لأن الحاصل غير ما ابتغاه. والذي رجحه في "الروضة": إيجاب المسمى.