[الإياب والذهاب] , وهاهنا يعتبر أن يكون فاضلًا عن نفقتهم وكسوتهم يوم الاستجئار, ولا يعتبر بعد فراغ الأجير من الحج إلى إيابه, وهل تعتبر مدة الذهاب؟ فيه وجهان, أصحهما في "التهذيب": لا, والفرق: أنه إذا لم يسافر يمكنه تحصيل نفقتهم.

قلت: وهذا ما أورده البندنيجي, وقاسه الإمام على زكاة الفطر؛ فإنه لا يعتبر فيها إلا نفقة اليوم, وكذلك في الكفارة المرتبة إذا لم يشترط تخليف رأس المال. انتهى.

قلت: وهذا الكلام من أوله إلى هنا إذا تأملته ظهر لك منه: أنه يشترط أن تكون الأجرة فاضلة عن نفقته في مدة ذهاب الأجير ورجوعه, وقد صرح البندنيجي بأن نفقته كنفقة عياله.

الثالث: أنه لا فرق في الوجوب عند وجود المطيع بين أن يكون المطيع ممن اجتمعت فيه شرائط وجوب الحج أو لا, وقد جزم القاضي أبو الطيب والبندنيجي بأن محل ذلك إذا كان مستجمعًا لشرائط الوجوب الخمسة؛ لأن المبذول له لو قدر على الفعل بنفسه, لكانت هذه الشرائط معتبرة في حقه؛ فأولى أن تعتبر في حق النائب عنه,

وحكى المارودي وجهًا آخر: أنه لا يشترط في الوجوب قدرة المطيع على الزاد والراحلة, بل إذا أطاع, وتكلف المشي والسؤال في الطريق, أو الاكتساب –لزم المبذول له الحج.

والوجهان في الوجوب وعدمه عند عدم المطيع الراحلة جاريان فيما إذا لم يقدر من له مال فاضل عما ذكرناه إلا على أجرة ماشٍ, لكن الصحيح هنا الوجوب.

ووجه مقابله: أن الماشي على خطر, وفي بذل المال في أجرته تغرير به.

الرابع: أنه لا فرق بين أن يكون باذل الطاعة ولدًا وإن سفل, أو والدًا وإن علا, أو أجنبيًا؛ وهو الذي نص عليه في "الإملاء" و"المبسوط" –كما قال الماوردي- وهو الصحيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015