أبو الطيب –من وجهين:
أحدهما: قولها: "إن فريضة الله على عباده الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا ... " إلخ, ولو كان فرض الحج لا يلزم من كان على هذه الصفة, لأنكر قولها, ولقال لها: ليس فرض الحج متوجهًا عليه.
والثاني: قوله: "فدين الله أحق", وهذا يدل على أن الحج صار دينًا عليه.
ولأنا إنما ألزمناه ذلك في الحالة الأولى –كما دللنا عليه- لأنه يتوصل به غلى من يطيعه في أن يحج عنه, فإذا كان ذلك حاصلًا له؛ فأولى أن يلزمه فرض الحج, ويشهد له أن الشخص لو كان مقطوع اليدين, سقط عنه فرض الوضوء والتيمم؛ إذا لم يكن له ما يستأجر به من يفعل له ذلك, [و] إذا بذل له شخص الطاعة في أن يوضئه وييممه, لزمه ذلك؛ كما قال أبو الطيب؛ فكذلك هاهنا.
وفي "الروضة" للنوأوي حكاية وجه ضعيف: أنه لا يجب عليه الحج ببذل الطاعة.
والمشهور: الأول.
ونضو الخلق والمريض مرضًا لا يرجى برؤه إذا لم يتمكنا من الركوب على الراحلة كالزمن فيما ذكرناه؛ نص عليه الشافعي, ولا يلتحق به من يرجى برؤه وإن كان لا يستطيع معه الثبوت على الراحلة؛ لأنه لا يجوز أن يستنيب عنه في الحج؛ لاحتمال قدرته عليه بنفسه؛ فهو غير قادر عليه بنفسه وبغيره.
تنبيه: ظاهر كلام الشيخ يقتضي أمورًا:
أحدها: لزوم الحج إذا وجد مالًا يدفعه إلى من يحج عنه, سواء كان قدر أجرة مثله أو دونها؛ إذا وجد من يرضى بذلك, وقد صرح به الرافعي.
الثاني: أنه لا فرق في ذلك المال بين أن يكون فاضلًا عما يحتاج إليه –كما ذكرناه من قبل- أو لا, وقد اشترط الأصحاب فيه أن يكون فاضلًا عن ديونه وما يخلفه له لو حج بنفسه.
قال الرافعي –تبعًا للغزالي-: إلا نفقة عياله؛ فإنا شرطنا فيما إذا كان ممن يحج بنفسه: أن يكون المصروف في الزاد والراحلة فاضلًا عن نفقتهم وكسوتهم في